نيقوسيا - أ ف ب - يتابع القادة والسكان في قبرص بقلق الأزمة التي تهز اليونان نظراً إلى ارتباط اقتصادي البلدين إلى حد كبير، لكنهم يرون انهم سيتمكنون من النجاة بفضل اكتشاف احتياطات كبيرة من الغاز. واكتشفت الشركة الأميركية «نوبل» في 2011 حقلاً يضم كميات من الغاز الطبيعي يمكن أن تصل إلى 224 بليون متر مكعب، تقدر الحكومة القبرصية قيمتها بمئة بليون يورو. وقال الخبير في الشؤون النفطية المقيم في نيقوسيا بيار غوديك: «إنها ليست سوى البداية». ولا يبعد الحقل الذي يحمل اسم افروديت اكثر من بضعة كيلومترات عن حقلي الغاز الإسرائيليين الهائلين ليفاياثان وتامار، ما يدل على أن المنطقة غنية بالغاز، بينما يفترض منح امتيازات للتنقيب في 12 مربعاً قبرصياً آخر قبل نهاية العام. وبحثت قبرص وإسرائيل مستقبل التعاون بين البلدين في مجال الطاقة أثناء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لقبرص أول من أمس فيما حذرت تركيا قبرص من أنها تخاطر بإذكاء التوتر بالسعي إلى التنقيب عن الغاز البحري. وأنعش الإعلان عن هذه الاكتشافات آمال القبارصة. فقد شهد اقتصاد الجزيرة المتوسطية الصغيرة أول انكماش له منذ 30 سنة في 2009 ويتوقَّع أن يكون شهد تراجعاً جديداً في 2011. وفي المقابل أدى الانفجار العرضي لمحطة الكهرباء الأساسية الذي أدى إلى سقوط قتلى، إلى اضطرابات اقتصادية وسياسية في الجزيرة. وأدت الأزمة اليونانية إلى تفاقم الصعوبات التي تواجهها جمهورية قبرص التي تسيطر على ثلثي الجزيرة والتي تربط سكانها القبارصة اليونانيين علاقات ثقافية واقتصادية وثيقة جداً باليونان. واضطرت المصارف القبرصية التي تملك كمية كبيرة من السندات والقروض التجارية اليونانية، إلى إلغاء بليوني يورو من الديون، كما يقول اقتصاديون يعتبرون أن المبلغ كبير بالنسبة إلى هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 840 ألف شخص. وخفضت وكالات التصنيف الائتماني الثلاث درجتها ما يمنع دخولها إلى أسواق المال الدولية. وأشارت وكالة «فيتش» في قرارها إلى احتمال أن تضطر قبرص مثل اليونان، إلى طلب خطة إنقاذ أوروبية. إلا أن الاقتصادي كوستاد ابوستوليدس قال إن «الوضع ليس سيئاً كما هو في اليونان»، موضحاً أن المصارف لا تزال تملك ودائع بقيمة 60 بليون يورو ومنوهاً بإجراءات حكومية. أرقام والدين العام لقبرص (61 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي) والبطالة (اكثر من سبعة في المئة) اقل من نصف ما هما عليه في اليونان. لكن العجز العام لقبرص يفترض أن يصل إلى سبعة في المئة في 2011 وفق صندوق النقد الدولي. وهذه النسبة اكبر بكثير من نسبة ثلاثة في المئة التي يسمح بها الاتحاد الأوروبي. لذلك دعا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي قبرص العضو في منطقة اليورو منذ 2008 إلى تبني خطة لخفض النفقات العامة. ورفعت قبرص الضرائب وجمدت أجور الموظفين على أمل تجنب اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي. لكن القبارصة ليسوا مستعدين لإجراءات أقسى بينما تنشر الصحف كل يوم «أخباراً سارة جديدة» عن الانعكاسات المحتملة للثروات الغازية. وقال مدرس المعلوماتية كليونتوس ادامو إن «الغاز سيغير مستوى معيشتنا، ليس فوراً لكن خلال 10 سنوات». وأوضح ابوستوليدس أن الحكومة، بفضل الغاز «وإذا حالفنا الحظ، ستحصل خلال سنوات على بليون يورو سنوياً أي ثلث موازنتنا الحالية». لكن غوديك قال إن «البعض يأخذون في الاعتبار من الآن عائدات الغاز، فيما السياسيون يخشون أن يدفع ذلك الناخبين إلى رفض بذل أي جهد»، مؤكداً أن «الغاز لن يباع قبل ثماني أو 10 سنوات». والنتيجة العملية الأولى لاكتشاف الغاز هي أن قبرص تمكنت من اقتراض 2.5 بليون يورو من روسيا التي تتطلع إلى الحقول التي توزع، ما سمح لها بتغطية موازنتها للعام 2012 دون اللجوء إلى قرض أوروبي مرفق بشروط قاسية. وقال الاقتصادي زينون كونتوليميس «هناك ميل كبير لإنفاق أموال الغاز قبل أن يباع حتى» لسد العجز العام.