تجربة انتخاب أعضاء المجالس البلدية السابقة، أثبتت حقيقة الوعي الوطني، وكانت تجربة رائدة، مهدت الطريق لإجراء الانتخابات المقبلة في الشهر المقبل، التي ينبغي أن تحقق أهداف التنمية الإدارية والاجتماعية والاقتصادية، وهي تجربة شورية ليست جديدة على نظام الحكم في المملكة العربية السعودية، وقد أصلتها الشريعة الإسلامية التي ترتكز على كتاب الله سبحانه وتعالى والقرآن الكريم والسنة المطهرة، وليس على أيديولوجية شرقية أو غربية مستوردة، حيث بدأت الشورى منذ أول وهلة دخل فيها الملك المؤسس مكةالمكرمة سنة 1343ه / 1924م، وتأسس أول مجلس للشورى ليضطلع بمسئولية وضع الأنظمة للدوائر الحكومية الناشئة، وكان صاحب السمو الملكي الأمير فيصل (الملك فيصل) يرحمه الله نائب جلالة الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود في الحجاز ، وراء تطوير الدوائر الحكومية الناشئة، ثم جرت الانتخابات لعضوية المجالس البلدية الأولى بعد حين، سعيا لاشراك المواطنين في تحمل مسؤولية القرار التنموي التنفيذي، وهكذا كانت حكومة المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها سباقة لتطبيق الشورى في اتخاذ القرارات التشريعية والتنموية، واستمرت تجربة المجالس البلدية لعدة سنوات، انتابتها اختلالات تنفيذية لأسباب منها : * انعدام الوعي الانتخابي، نظرا لانتشار الأمية، وقلة المثقفين، وعدم وجود وسائل التنوير في تلك المرحلة من تاريخ المملكة، وهي مرحلة البدايات التي شهدت مولد المؤسسات الحكومية. * استغل الذين كانوا يسعون من أجل مصالحهم الشخصية، حالة الحاجة لدى البسطاء من الناس من الفلاحين والأتباع باقامة الولائم الدسمة، واعطاء ما تيسر للناخبين ماديا وعينيا، وتلقينهم الاسم المراد ليتم انتخابه. * أما الإصلاحيون فانه يتم انتخابهم من قلة من الناس الذين يتمتعون بالوعي والثقافة والشعور بالمسؤولية، رغبة منهم في اختيار العضو الجدير بالعضوية المعروف لديهم بالأمانة والإدراك والعلم، لذلك فانه يتم تشكيل المجلس البلدي بغالبية ذوي المصالح الخاصة الذين لا تهمهم مصالح البلاد والعباد ، بقدر ما تهمهم مصالحهم الشخصية، ويحدث التصادم والصراع بين الاتجاهين، وتلفق الاتهامات الكيدية للإصلاحيين، ما أدى الى فشل تلك التجربة. ولقد كنت شاهد عيان ولا أزال أتذكرها بعد مضي حوالي خمسين سنة عليها. وتعود الدولة أيدها الله من جديد في العام 1425ه/ 2004م، الى تجربة انتخاب أعضاء المجالس البلدية، في مرحلة تتصف بالتقدم والتطور الثقافي والاجتماعي على ان يكون تشكيل المجالس البلدية على اساس 50 بالمائة بالانتخاب و50 بالمائة بالتعيين، وذلك عين الصواب، والجميع يأمل في استمرار تطبيق ذلك في الانتخابات المقبلة هذا العام 1432ه / 2011م ، ليتم اختيار كفاءات مؤهلة بعلمها وخبرتها ممن يراهم أولو الأمر في المجتمع. إنها تجربة انتخابية جديدة افترض أن وعي المواطن «ناخبا او مرشحا» بات أكبر ، وان عملية الانتخاب مسؤولية وطنية، ومسؤولية أخلاقية، وأن انتخاب أي عضو في المجلس البلدي ينبغي ان يكون على أساس الجدارة ، وليس على أساس العلاقة والمنافع الشخصية، وأن المواطنين واعون لمسؤوليتهم تجاه الوطن. [email protected]