تسجيل صوتي وصلني عبر الواتساب لشخص ما لم يرد اسمه يبدو أنه يحدث جماعة ما ربما في مسجد أو غيره أو من التسجيلات القديمة سأنقله لكم كما ورد قال فيه : ( إن رجلاً أحب امرأة حتى وصل به الأمر لقتلها فذهب الى عبد الله بن عباس فقال له : يا ابن عباس إني قتلت امرأة بغير وجه حق فهل من شيء يكفر ذنبي ؟ سأله وهو أمام الناس في مجلس علم، فسأله ابن عباس هل لك أم ؟ فقال الرجل لا أمي ماتت فقال له ابن عباس : اذهب واستغفر الله - هذه فتوى - فلما ولى الرجل وقام ابن عباس من مجلسه لحقه عطاء بن أبي رباح فقال له : لماذا سألت الرجل عن أمه ؟ فقال ابن عباس : والله يا عطاء لا أعلم ذنباً يكفر الذنوب والخطايا إلا بر الأم انتهى القول وبدأت علامات التعجب والاستفهام تلف في دماغي، فالمتحدث يدعي نقلاً عن ابن عباس أن قتل المرأة يكفر بالاستغفار إن لم يكن للقاتل أماً يبرها فيكون برها مكفراً لذنبه وهو قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق !! هذا النص الذي تحدث به الرجل وكان يوجهه لمجموعة من الشباب، لأنه كان يقول من حين لآخر : ( والله يا شباب ) وتركيزه كله على بر الأم ولم يفطن أن فيما يقوله خطأ فاحش في أين العلماء والراسخون في العلوم الدينية من هذا الأمر خاصة أنها مجرد حكاية نقلت عن ابن عباس وليست نصا من الحديث الذي درسه الدارسون وعرفوا الموضوع منه والضعيف فيه، وكف صغار المتحدثين وجهالهم عن التعرض لمثل هذه النقول الجائرة في حق الدين وشريعته. حق الشرع الإلهي ثم في حق ابن عباس !! ولا أدري هل هو الذي ابتدع الجزء الأول من النص عن المرأة وقتلها ثم وصله بحديث لابن عباس عن بر الأم ليؤثر في الشباب ؟ أم أنه مجرد ناقل وغير واع لذاك الخطأ الجسيم ؟!! وأن الخطأ حدث منذ مئات السنوات كما هو الطبيعي في النقول من شخص لآخر . نحن جميعاً ندرك أن نقل حكاية من شخص لآخر في اللحظة نفسها لابد أن يشوبه بعض النقص أو الزيادة فكيف بحوار حدث في مجلس ابن عباس منذ قرون طويلة !! ثم لاحظوا تأكيده عندما قال : ( هذه فتوى ) هل قال ذلك حتى يطرد أي علامة استفهام أو تعجب قد تضيء في عقل أحد المستمعين إليه فيسكته بقوله : هذه فتوى !! ولن أدخل في توقعات حول هذه الإشارة منه ولعل تبرير ذلك بالجهل هو أهون الشرور !! إن من يتوقف أمام هذا القول من ذلك الرجل المتحدث ينبت في عقله وقلبه خوف شديد مما قد يترتب على هذا الخطأ الجسيم في حق من يسمع ويطبق بلا وعي ولا إعمال عقل فيما يسمع !! بحثت عن النص في المواقع الإلكترونية فوجدت زيادة طفيفة تتعلق فقط بسبب قتل المرأة، وهي أنها رفضت الزواج من ذلك الرجل وقبلت غيره. أما قول ابن عباس فلم يتغير، وهذه - والله - مصيبة عظيمة فاعتماد مثل هذه الأقوال، الواضح فيها الخطأ جريمة يرتكبها المتحدثون في حق كتاب الله وسنة رسوله، لأن مثل تلك الفتوى المنقولة بجرأة تتجنى على ابن عباس تخالف قوله تعالى في سورة النساء : ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً ) ثم يأتي بعد ذلك أثر الكفارة والقصاص والتفاصيل كثيرة في آيات أخرى عن القصاص والمطالبة به والدية وحرمة الدم وغيرها من الأمور كالتوبة، لكني لم أجد ما يشير إلى الاكتفاء بالاستغفار فقط !! فأين العلماء والراسخون في العلوم الدينية من هذا الأمر خاصة أنها مجرد حكاية نقلت عن ابن عباس وليست نصا من الحديث الذي درسه الدارسون وعرفوا الموضوع منه والضعيف فيه، وكف صغار المتحدثين وجهالهم عن التعرض لمثل هذه النقول الجائرة في حق الدين وشريعته. Twitter: @amalaltoaimi