انتظرت حتى تهدأ عاصفة التهاني والاحتفالات التي رافقت تعيين صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أميرا للمنطقة الشرقية حتى أكتب كلمتي بهذه المناسبة الغالية، وبما أن الفضاءات واسعة ورحبة عندما يكون الحدث بهذا الحجم من الاهمية والشخصية بمثل هذه القامة فان الأفكار تتلاطم كأمواج الخليج الملهمة والخيال يجنح بالكاتب كزورق اشتدت به الريح في يوم عاصف. لم أجد أفضل من أن ابدأ من وصف سموه للمنطقة الشرقية بانها من أبرز مناطق المملكة بما تمتلكه من ثروات وموارد طبيعية وسياحية وجغرافية، وبما تنطوي عليه من مقومات وامكانات بشرية وقبل ذلك الانسان، مشيرا إلى وثاقة العلاقة التي تربطه بالمنطقة والمكانة الكبيرة التي لها في نفسه والتعاون والمساهمة التي لمسها منهم في بناء هذه المنطقة عندما عمل فيها لسنوات تجاوزت أحد عشر عاما. إذا نحن بين يدي رجل يمتلك بالاضافة إلى القدرات القيادية والمهارات الادارية، خبرة ميدانية ومعرفة عميقة بطبيعة المنطقة وما تمتلكه من رصيد حضاري وارث تاريخي وثروات وموارد طبيعية، وهذا يكفي للتدليل على ما يمتلكه سموه من نظرة ثاقبة وبرنامج عمل ثري وينبئ عن ان الرجل لديه خطة عمل طموحة تستوعب كل الابعاد التي أشار إليها في هذه الكلمة. إننا مما يثلج الصدر أن يقع الاختيار على سموه الكريم في هذه المرحلة المهمة ليقود عجلة التنمية الشاملة في هذه المنطقة التي تمثل عصب الاقتصاد والصناعة في المملكة، كما تمثل مصدر الطاقة الأهم على مستوى العالم كله، كما انها بين مناطق المملكة التي تشهد نموا مطردا في تركيبتها السكانية وتنوعا في مشاريعها الانمائية وهو ما يؤكد ضرورة وجود قيادة ادارية لديها خطط واعية تواكب هذا النمو السكاني وتستفيد من هذه المشاريع. انني ادعي ان لدي من الشواهد القوية ما يؤيد الدعوى ويصدق القول في هذه الشخصية، فعندما كنت في زيارة رسمية لمملكة اسبانيا بين عدد من مسئولي وزارة النقل في المملكة، كنت وقتها رئيسا عاما للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية، وضمن برنامج الزيارة تشرفنا بحضور الحفل الذي اقامته السفارة السعودية هناك احتفاء بالوفد الزائر، حيث تفاجأت كغيري من أعضاء الوفد بمستوى المتابعة والمعرفة التي يمتلكها سموه عن السكك الحديدية، والقطارات خصوصا في مملكة اسبانيا صاحبة التاريخ العريق والشركات الرائدة في مجال تصنيع وبناء القطارات وشبكات الخطوط الحديدية. لقد أشار سموه إلى أمرين مهمين في هذا اللقاء ولقاءات تالية معه لشرح خطة توسعة شبكة الخطوط الحديدية لتعم أنحاء المملكة الأول حول أهمية اختيار قطارات سريعة ومتطورة تحقق الاهداف المرجوة من هذه الخطط، والثاني التخطيط المسبق لهذه المشاريع بما يضمن سرعة التنفيذ والجودة العالية وانخفاض التكاليف وهو ما يعرف اصطلاحا بمثلث التميز، وقدم سموه اقتراحا بالرفع للجهات العليا بحجز الاراضي التي تحتاجها مشاريع التوسعة للخطوط الحديدية والمحطات ومعاملتها مثل المرافق العامة من مساجد ومدارس وحدائق، وهو ما يوفر الكثير من الجهد والوقت والمال العام حيث يتم توجيه الجزء الأكبر من المخصصات المالية للجودة والنوعية بدل هدرها في نزع الملكيات. وهذا ما رفعنا به. إن وجود قادة اداريين يمتلكون رؤية ثاقبة وبعد النظر هو عنوان نجاح التجربة السعودية في الحكم والادارة وهو النموذج الذي نقدمه للآخرين ويشعرنا بالفخر ويعزز لدينا الثقة بالنهج القيادي لسمو أمير المنطقة الشرقية في قيادة مشاريع المنطقة واستثمار مواردها وامكاناتها الطبيعية بصورة تجعلها الأجمل والأرقى بين مناطق المملكة الاخرى.