تمكن سوق الأسهم السعودية من التحرر نوعاً ما من حالة التذبذب الضيق التي سيطرت عليه خلال الأسابيع الأربعة الماضية , فقد حقق المؤشر العام خلال الأسبوع المنصرم مكاسب بنحو 80 نقطة أي بنسبة 1.14% وذلك بفضل الارتفاعات الجيدة على قطاعيّ المصارف والاسمنت وبسيولة فاقت 28 مليار ريال أي متراجعاً بنحو 8.3 مليار ريال مقارنةً بالأسبوع الذي قبله والذي شهد الطرح الأولي لأسهم شركة اسمنت المنطقة الشمالية , ولو استثنينا تداولات اسمنت الشمالية والتي وصلت لنحو 7.6 مليار ريال لوجدنا أن السيولة الحقيقية للأسبوع الماضي كانت أقل بحوالي 300 مليون ريال فقط مقارنةً بالأسبوع الذي قبله , ويأتي هذا التراجع كإشارة على أن صعود الأسبوع الماضي كان صعوداً مؤقتاً قبل مواصلة التصحيح هبوطاً, وقد يكون لاكتتاب الشركة الوطنية للرعاية الطبية والذي انتهى منتصف الأسبوع الماضي أثر في سحب العديد من المستثمرين جزءاً من سيولتهم بقصد إتمام عملية الاكتتاب . أهم الأحداث العالمية لا زالت أسعار النفط محافظة على المكاسب التي حققتها خلال الأسابيع الماضي وذلك من خلال المحافظة على دعم 95 $ للبرميل , لكن المخاوف التي أُثيرت حول تأثير دخول النفط الصخري السوق الدولية ومدى تأثيره السلبي على الأسعار الحالية قد يدفع هذه الأسعار إلى التراجع ابتداءً من هذا الأسبوع , فقد أوضح تقرير صادر من «برايس ووتر هاوس كوبرز» أن إنتاج النفط الصخري من الممكن أن يعزز الاقتصاد العالمي بحوالي 2.7 تريليون دولار عام 2035م . وأشار التقرير إلى أن الإمدادات الإضافية منه يمكن أن تبلغ 12% من إنتاج النفط العالمي أو حوالي 14 مليون برميل يوميا، ما سيساهم في خفض الأسعار 40% تقريباً . أما الذهب فقد واصل خسائره للشهر التاسع على التوالي , فقد تراجع المعدن الثمين الأسبوع الماضي حوالي 38 $ و ذلك بسبب تحول الكثير من المستثمرين إلى أسواق الأسهم نظراً لاستقرار الأوضاع الاقتصادية العالمية نوعاً ما, لكن الدعم الحقيقي والمعوّل عليه خلال الأيام القادمة هو 1,626 $ فكسر هذا الدعم يعني تسارع هبوط الذهب إلى ما دون 1,550 $ للأوقية. أهم الأحداث المحلية من المنتظر خلال هذا الأسبوع أن يتم الاعلان عن رد الفائض لاكتتاب أسهم الشركة الوطنية للرعاية الطبية وتحديد عدد الأسهم المخصصة للمكتتبين , واتوقع شخصياً أن يتم تحديد عدد من 3 - 5 أسهم للفرد نظراً لقلة الأسهم المخصصة للأفراد وارتفاع نسبة المكتتبين . كما أعلنت هيئة السوق المالية موافقتها على خفض رأس مال اثنتين من شركات الوساطة العاملة في السوق السعودي , فقد صدرت موافقة الهيئة على خفض رأس مال شركة «عودة كابيتال» من 300 مليون ريال إلى 100 مليون ريال فقط , كما وافقت الهيئة على خفض رأس مال شركة «اتقان كابيتال» من 360 مليون ريال إلى 233 مليون ريال, وهذا الخفض يعود بالدرجة الأولى إلى ضعف الإقبال الجماهيري على تلك النوعية من الشركات وانعدام ثقة المتداول البسيط في فتح حسابات استثمارية فيها والاستثمار من خلالها , وهذا الأمر بلا شك يخدم شركات الوساطة التابعة للبنوك كما يظهر من خلال التقرير الشهري الصادر من هيئة السوق المالية . الجدير بالذكر أن عدد شركات الوساطة العاملة في سوق الأسهم السعودي تراجعت حتى 30 شركة بعد أن ألغت 6 شركات تراخيصها خلال العاميَن الماضييَن لنفس الأسباب المذكورة آنفاً. التحليل الفني من الملاحظ على المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية أنه كوّن قمة هابطة بإغلاق الأربعاء الماضي عند مستوى 7,067 نقطة أي أنه فشل في تجاوز قمة 7,077 نقطة , فإذا ما استمر الحال على ذلك هذا الأسبوع أيضاً فتلك إشارة على معاودة السوق للتصحيح حتى الدعم الأول عند 6,950 نقطة , وكسر هذا الأخير يعني التوجه للدعم الثاني لهذا الأسبوع عند 6,888 نقطة . أما في حال تجاوز المؤشر العام لقمة 7,077 نقطة فذلك يعني استمرار موجة صعود الأسبوع الماضي حتى مشارف 7,176 نقطة . ومن حيث القطاعات فنجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية قد واكب المؤشر العام في أدائه بتكوين قمة أقل من القمة السابقة – وهذه من علامات الموجة الهابطة – لذلك فأتوقع أن يكون هذا القطاع القيادي بمثابة الضاغط الأول على أداء المؤشر العام خلال هذا الأسبوع وإشارة ذلك كسر سهم سابك لدعم 92.50 ريال . أما في حال تجاوز مؤشر القطاع لقمة 6,070 نقطة فتلك دلالة على إلغاء السيناريو السلبي واستمرار مكاسب الأسبوع المنصرم. في المقابل نجد أن قطاع المصارف حقق أعلى مستوى له خلال شهر وهذا يدل على أن هذا القطاع سيكبح جماح الهبوط المتوقع على المؤشر العام جرّاء ضغط قطاع الصناعات البتروكيماوية , وقد يكون لذلك دلالة أيضاً على أن تراجع المصارف لهذا الأسبوع سيكون فرصة جيدة لتعديل أوضاع مراكز المستثمرين بما يتوافق مع تطلعاتهم المستقبلية لهذا القطاع الحيوي. أما أهم القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع فيتقدمها قطاع الزراعة والذي تحرر من وطأة المسار الهابط خلال جلسة الأربعاء الماضي لذلك من المتوقع أن يكون أداؤه جيدا خلال الأيام القليلة القادمة , أيضاً من أهم القطاعات المتوقع إيجابيتها قطاع الاتصالات والتأمين والتطوير العقاري . في المقابل نجد أن قطاع الاسمنت يدخل ضمن قائمة القطاعات المتوقع سلبيتها لهذا الأسبوع بعد أن حقق خلال الأسبوع الماضي فقط مكاسب بواقع 128 نقطة أي بنسبة 2% , وقد أظهرت بعض المؤشرات الفنية على أن المستثمرين في هذا القطاع قد يقومون بعملية جني لأرباحهم المحققة خلال الأسبوع المنصرم . أيضاً من أهم القطاعات السلبية التجزئة والطاقة والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والنقل واعلام والفنادق والسياحة.