أما أنا فلا أذكر أنني رأيتُ نتائج تقويم الأداء الوظيفي الخاص بي أبدا، وقد قاربت أن أختم العقد الثالث في وظيفتي، وقد طرحت هذا السؤال على من شرفوني بمتابعتهم في موقع التواصل الاجتماعي الأشهر (تويتر)، فأجاب كثيرون بأنهم مثلي، لم يروا درجاتهم التي يتفضل بوضعها المدير الإداري، أو المدير التنفيذي، أو المسؤول الأول في الدائرة أو المؤسسة التي يتبعون لها، وبعضهم ذكر أنه رآه مرة أو مرتين في حياته، بينما قال أحدهم: إن مؤسسته تمكن الموظف من الاطلاع على تقريره الخاص به كل عام، وتلك صورة مضيئة في مساحة كبيرة باهتة. هل يمكن أن يؤاخَذ الموظف بنظرة شخص واحد؛ حتى وإن كان رئيسه؟ أليس من الأجدى أن يقوم بالتقييم لجنة وليس فردا؟وبالغ أحدهم بقوله: «لا يوجد تقييم أداء وظيفي حقيقي وصادق في مجتمعنا، التقييم حسب العواطف والمحسوبية والأهواء الشخصية، خصوصا إذا كان مرتبطا بمزايا مادية»، بالطبع موجود في بعض المؤسسات والدوائر، ولكنه يبقى حكما تعميميا، وإن صح في دائرة فقد لا يصح في أخرى، والذين يقومون بالتقييم؛ وخاصة إذا كان مرتبطا بالناحية المالية فإن مسؤوليتهم كبيرة جدا، أمام الله عز وجل ثم أمام مسؤوليهم وأمام موظفيهم، إنها حقوق وأمانات!! وتاريخ سوف يذكر فيشكر أو يُنكر.. والأسئلة المباشرة التي تطل ببراءة: ماهدف التقييم الفردي للموظف؟ هل فقط ليسود المسؤول جدول كل موظف ببعض الدرجات ثم لا شيء بعد؟ نعم لا شيء، حيث ينسى - حتى المدير - ذلك السجل تماما فور الانتهاء منه، خاصة أنه سنوي. أليس المقصود بالتقييم هو أن يتعرف الموظف على نقاط القوة في عمله في نظر مؤسسته أو مديره؛ ليستثمرها في رفع مستوى أدائه الوظيفي؛ بما يعود على المنظمة الإدارية بالتطور والتقدم؟ أليس هدف ذكر نقاط الضعف أن يتعرف الموظف على نقاط الضعف في أدائه؛ ليتلافاها ويوجد المعالجات لها؛ بدلا من أن تؤثر في ترقياته أو حتى بقائه في المؤسسة أو عدم بقائه؟ هل يمكن أن يؤاخَذ الموظف بنظرة شخص واحد؛ حتى وإن كان رئيسه؟ أليس من الأجدى أن يقوم بالتقييم لجنة وليس فردا؟ ثم إذا تم التقييم وبرزت عدد من الملاحظات على عدد من الموظفين؛ أليس الأولى حينها أن تقدم برامج تدريبية إدارية؛ لتلبية الاحتياج الوظيفي؟ قد يتردد المسؤول في إطلاع موظفيه على تقاريرهم؛ خوفا من أن يجدوا في قلوبهم عليه، ولكنه حين يكون منصفا، وعادلا، ولديه مسوغ لكل درجة تنقص أو تزيد فلن يحدث ذلك، ومن يغضب من الحقيقة فليس مهما أن نسعى لاسترضائه، خاصة إذا وضعت الدرجةَ لجنة وليس فردا. بعض دوائرنا الحكومية ومؤسساتنا العامة والخاصة، قد تُرهق وتتضخم بموظفين تكلست في نفوسهم هممهم، ولم يعد لديهم أية مهارة في التعامل مع من يخدمونهم، فقد صدئت بالفعل أساليبهم، ولم يتلقوا جديدا خلال عملهم (تغيرت الدنيا وهم واقفون في أماكنهم)، وقد يؤاخذون رسميا في هذه التقارير، وقد يؤاخذون ممن يتلقون خدماتهم ومعاملتهم من الناس، ولكن لا يوجد من يقول لهم: هذا صواب وهذا خطأ، حتى التعزيز الإيجابي الذي قد يحمله هذا التقرير السنوي أو النصف سنوي، مفقود، فكيف إذن يتقدمون، أو يتغيرون نحو الأفضل؟ كيف؟