حديث البطالة يكاد لا ينتهي، وذلك مبرر بسبب ازدياد أعداد الخريجين والشباب المؤهلين للعمل وعدم توفر الوظائف والأعمال التي تستوعبهم ، ففي وقت لا تزال فيه المعالجات الحكومية بعيدة عن سد الفجوة التشغيلية، والذي تخبرنا عنه آخر بيانات وزارة العمل التي تظهر ارتفاعا في معدل البطالة بين السعوديين إلى 10.5% ، فيما كشفت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، أن نسبة البطالة بين السعوديين وصلت إلى 10.5%، بعدما ارتفع عدد السعوديين العاطلين عن العمل من الجنسين إلى نحو 448 ألف فرد، 44.2% منهم من الحاصلين على الشهادة الجامعية. ليس مطلوبا من الحكومة بالطبع استحداث وظائف جاهزة تسلم لكل طالب عمل، ولكن ينبغي أن تتسع الفكرة الاستيعابية لتوظيف الشباب، بحيث يتم ابتكار برامج ومشروعات منتجة يتملكونها بأنفسهم ويديرونها ويعملون بها، فبعض الشباب في كثير من الدول اتجهوا الى الصحراء لتعميرها، وغيرهم وجدوا مجالات مفتوحة للابداع قد هيئت لهم ، وقد يمكن تحسس الروح السلبية التي لدى بعض شبابنا ، قوانين السوق لا تقبل أي شاب أو خريج لمجرد أنه تقدم لوظيفة، هناك اشتراطات ومعايير تحكم ذلك وتلزم، خصوصا، مؤسسات القطاع الخاص وبالتالي يصبح هذا القطاع غير ملزم بتوظيف أي شاب ما لم يستوف المعايير والشروط المؤهلة للوظيفةالذين يبحثون عن وظيفة سهلة وراتب مرتفع، وتلك معضلة أخرى ، تتطلب جهدا متكاملا في توعيتهم بأهمية العمل ككسب ذاتي وليس مجرد طلب يجب أن توفره الدولة، ثم إن قوانين السوق لا تقبل أي شاب أو خريج لمجرد أنه تقدم لوظيفة، هناك اشتراطات ومعايير تحكم ذلك وتلزم، خصوصا، مؤسسات القطاع الخاص وبالتالي يصبح هذا القطاع غير ملزم بتوظيف أي شاب ما لم يستوف المعايير والشروط المؤهلة للوظيفة وإلا أصبح القطاع جهة خيرية. وللحقيقة فإن ذلك يقابله بصورة موضوعية كاملة من عبروا حاجز البطالة الى الوظيفة والحياة العملية ، أعني أولئك الذين يدورون في حلقة التزامات طويلة يعصف بها تضخم لا تكفي معه رواتبهم، وهنا ينبغي تدخل الحكومة، إذ أن كثيرين لا يستطيعون مجاراة الواقع المرير برواتب ضئيلة لا تسمن أو تغني من جوع، وعليه فزيادة مرتبات العاملين في الدولة تصبح أمرا ضروريا ؛ لأنهم بهذا الوضع يصبحون أشبه بالعاطلين، وهنا تصبح البطالة ( بطالتين ) والمعاناة تصبح واحدة والجميع في الهم ( سوا ) . أصبحت زيادة الرواتب ضرورة اجتماعية ووطنية، ويجب - قبل ذلك وبعده - أن يضبط السوق ويكبح جماح التجار وجشعهم حتى لاتستغل الزيادة ( المأمولة ) ، وحتى لا يتحول السوق الى وحش يلتهم أي زيادات، فالرواتب الحالية لا تتناسب ومنطق السوق حتى لو تخلص العاملون عن كثير من كمالياتهم وبعض ضرورياتهم، وهذا يضعهم في زاوية ضيقة وحرجة من تمتعهم بأدنى حد من الرفاهية، وهكذا تكون البطالة أكثر من واحدة ، فهؤلاء لا يفرقون عن الذين ينتظرون في رصيف البطالة ؛ لأن العملية نسبة وتناسب، فإذا كان الخريج الباحث عن وظيفة في بداية حياته ، دون مسؤوليات بيت مفتوح وأولاد، فهؤلاء لديهم هذه المسؤوليات ، وحين لا يفي الراتب باحتياجاتهم فإن وضعهم قد يصبح أسوأ من العاطلين، وهناك بالفعل من يعانون بشدة في المجتمع من عدم إيفاء رواتبهم لمستحقات عوائلهم، لذلك أتمنى أن ينظر بمنهجية لزيادة الرواتب بالتناغم مع حركة السوق وتطور الحياة حتى لا ينقسم الشباب وغيرهم بين عاطلين وآخرين يمارسون البطالة المقنعة. [email protected]