قياسا بالصعود التنموي والاقتصادي للمملكة تتطور وتنمو كثير من القطاعات، وما لا يتطور فذلك يعكس مشكلة في الهيكل التنظيمي والكادر البشري، ولعل البيروقراطية أحد أسوأ إفرازات الهياكل الإدارية في الأجهزة المختلفة، وهي وإن كانت داء إداريا فإنها معوق للتطور وكابح لأي تطور، وحتى لا تتشعب القضية أركز على جانب الإعلام الذي ينبغي أن يتطور رغما عن أي أمور بيروقراطية لأنه يتأثر بمستجدات تقنيات الاتصال التي لا يتخلف عنها أحد حتى في العالم الثالث. وسائل الإعلام تشمل الصحافة والإذاعة والتلفزيون والصحف والمواقع الإلكترونية وكل وسيلة يمكن أن تخاطب الجمهور وتحمل رسالة أو خطابا إعلاميا، ومن هذا المنطلق القول ان الصحف والمواقع الإلكترونية، تحاول أن تلحق بالركب اجتهدت صحفنا أيضا في تطوير أدواتها وإمكانياتها وطورت في مادتها وإخراجها وطباعتها وتوزيعها ونشرها، غير أن مشكلتنا تصبح في التلفزيون الذي يبدو عاجزا عن تطوير تفاعله وتواصله مع المتلقين الذين أصبحوا يتعرضون لأنماط بث جاذبة ومثيرة لاهتمامهم من كثير من الفضائيات. القضية ليست بعدد القنوات التي تبث ولكن ماذا تقدم هذه القنوات من مواد وبرامج تواكب هذا التطور، وذلك ما نأمل أن يبادر إليه الهزاع ويعيد النظر في أداء التليفزيون وتطوير مضمونه وليس شكله واستخدام الأجهزة الحديثة بدون تحديث البرامج.تراجع الأداء التلفزيوني في المملكة ليس حدثا عابرا في المشهد الإعلامي، ولكنه أمر مزمن لا يتوافق مع التطور التنموي، فنحن بحاجة فعلية لتطوير أداء الإعلام التنموي الذي يلعب فيه التلفزيون دورا محوريا ورائدا، وما نراه حاليا نمطية تقليدية لا تزال بعيدة عن التطور والتطوير، والأمر بيد رئيس هيئة التلفزيون الأستاذ عبد الرحمن الهزاع وهو ابن هذه المؤسسة العريقة ويعوّل عليه في تطوير أداء التلفزيون السعودي والانتقال به الى الفضاء الإعلامي المتطور. التلفزيون السعودي ليس بخير وذلك ما يجب أن ندركه ونبحث فيه، ولست بصدد تقييم المادة الإعلامية التي يبثها، ولكن من واقع ردود فعل المشاهدين والمتابعين الذين يشفقون على أدائه المتأخر عن غيره من التلفزيونات والفضائيات التي قطعت أشواطا بعيدة في تقديم وطرح موضوعات شيقة ومفيدة وتعتمد تقنيات وأفكارا مبتكرة وغير تقليدية، ولعلنا لو احتكمنا لإحصائيات المتابعة ونسب المشاهدة سيكون حظ التلفزيون ضعيفا ولا يرقى للطموح والمأمول منه رغم الدعم الذي يحظى به، وهنا مفارقة بين الدعم والمادة التي يتم بثها يجب أن ننظر فيها وندرسها لأن الصناعة الإعلامية تقوم على النتائج المتحققة من البث، وفي هذه الحالة سنجد أن تلفزيوننا لا يحصد أي ثمار متابعة مجزية. افتقار التلفزيون للتطور البرامجي مشكلة أساسية، وبما أن الإعلام أصبح صناعة فيجب أن يتخلص هيكله من البيروقراطية في طرح البرامج وإبداع أنماط برامجية تستهدف اهتمامات المشاهدين وتطور أدوات تلقيهم، فهم لم يعودوا أولئك المشاهدين الذين يحرصون على متابعة التلفزيون السعودي قبل عشرين سنة، هناك فرق مؤكد يحتاج لخبراء يدرسون واقع وحال التلفزيون السعودي ومواكبته لمستجدات العصر التقنية في البث والبرمجة وابتكار البرامج وتطويرها، فلم يعد هناك شيء تقليدي في تلفزيونات العالم وإنما ابتكار متجدد وحيوية في الطرح والتناول والاستعراض، القضية ليست بعدد القنوات التي تبث ولكن ماذا تقدم هذه القنوات من مواد وبرامج تواكب هذا التطور، وذلك ما نأمل أن يبادر اليه الهزاع ويعيد النظر في أداء التلفزيون وتطوير مضمونه وليس شكله واستخدام الأجهزة الحديثة بدون تحديث البرامج. خالد الشريدة