هذه قضية إنسانية لا بد من النظر إليها بكثير من العناية والاهتمام سواء من قبل الدولة أو من قبل الإعلام أو من قبل خطباء الجوامع، أو من قبل المؤسسات الحقوقية الحريصة - كما تقول أهدافها - على حقوق المواطنين.. لإنصاف المظلوم وتحذير الظالم من مغبة عمله، وتوعية مرتكبيها من نتائج فعلتهم وما تنطوي عليه من عواقب يرفضها النظام والأخلاق وقبل ذلك وبعده يرفضها الدين الحنيف الذي لا يرضى الظلم، ويتوعّد مرتكبيه بالويل والثبور. نعرف ونسمع ونقرأ عن حالاتٍ كثيرة من الزيجات التي يقدم عليها بعض السعوديين أثناء تواجدهم في الخارج للدراسة أو العمل أو التجارة أو لأي سبب آخر، وما قد ينجم عن هذه الزيجات من مشاكل بعد إنجاب بنين وبنات، يتركهم آباؤهم تحت رحمة القدر، دون أن ينهوا إجراءات إضافتهم إلى سجلهم المدني، وقد يتوفى الوالد دون أن يحصل البنون والبنات على حقوقهم في الانتماء للوطن، ليعيشوا بلا هوية في بلاد غريبة لا تعترف بهم، بعد أن هضم الآباء حقوقهم وحقوق أمهاتهم. يدخل الأولاد في دوامة الإجراءات المعقدة التي تستغرق سنوات دون أن ترسو سفنها على شاطئ، وقد تغرق في لُجة الإجراءات البيروقراطية التي إن كان لها أول، فليس لها آخر، وبذلك تضيع حقوقهم، نتيجة تصرّف أرعن من أبٍ طائش، لم يفكّر سوى في إشباع غرائزه الجنسية، وإرضاء نزواته الذاتية، دون تفكير في العواقب، وهو أمر لا يُقدم عليه الأسوياء من الناس. ولنا أن نتصوّر أبناء وبنات يحرمون من أبسط الحقوق المتاحة لغيرهم، فلا مدارس تقبلهم، ولا مستشفيات تسجّلهم في قوائم مراجعيها، ولا وظائف يمكن أن يحصلوا عليها، ولا سفر يُتاح لهم، ولا إمكانية لديهم للزواج وبناء أسرة إذا أرادوا ذلك، ولا أحد يعترف بهم من المؤسسات أو الأفراد، لا لشيء إلا لأن آباءهم قد تركوهم بلا هوية. فأيّ حياةٍ تعيسة هذه التي يعيشونها؟ وأي مشاكل كبيرة هذه التي يواجهونها؟ في بعض دول الخليج، وفي بعض الدول العربية وفي بعض دول أوروبا وأمريكا توجد مثل هذه الحالات التي تستوجب قرارًا حاسمًا لحل مشاكلهم، كما تستوجب قرارًا حاسمًا لمعاقبة أولئك الآباء الهاربين من مسؤولياتهم دون خشية من عقاب، ودون التفكير فيما تخلفه نزواتهم من آثار سلبية يعاني منها الأبناء كثيرًا دون أن يجدوا مَن يُغيثهم من ظلم آبائهم. هؤلاء الأبناء يفترض ألا يتحمّلوا نتائج حماقات الآباء الهاربين من مسؤولياتهم الأسرية، وهذه تقتضي وجود حلول سريعة لإنهاء مشاكلهم وفق النظام ولكن بشكل سريع وحاسم، تلافيًا لما قد ينجم عن إهمالهم من نتائج وخيمة، عليهم وعلى مجتمعهم، وعلى سمعة البلاد التي ينتمون إليها اسمًا لا فعلًا، والوطن الذي يستوعب ملايين الوافدين من مختلف الجنسيات، لن يعجز عن استيعاب أبنائه الذين تركهم آباؤهم في الخارج دون ذنب جنوه ولا جريمة ارتكبوها، وهذا الهروب غير المبرر من الآباء، يجب أن يعاقب مَن يرتكبه ويسيء إلى نفسه، وإلى فلذات كبده، وإلى سُمعة الوطن التي تُهان على أيدي هذه الفئة التي تخلّت عن مسؤولياتها الأسرية والوطنية، بل وتخلت عن مسؤولياتها الإنسانية تجاه أبناء أبرياء، جاؤوا إلى الدنيا وهم لا يعرفون لهم أبًا يرعاهم ولا بلدًا يحتضنهم، كغيرهم من عباد الله. في بعض دول الخليج، وفي بعض الدول العربية وفي بعض دول أوروبا وأمريكا توجد مثل هذه الحالات التي تستوجب قرارًا حاسمًا لحل مشاكلهم، كما تستوجب قرارًا حاسمًا لمعاقبة أولئك الآباء الهاربين من مسؤولياتهم دون خشية من عقاب، ودون التفكير فيما تخلفه نزواتهم من آثار سلبية يعاني منها الأبناء كثيرًا دون أن يجدوا مَن يُغيثهم من ظلم آبائهم. حالات إنسانية تستحق الاهتمام، قبل أن تتفاقم وتصبح ظاهرة تستعصي على الحل.