بالأمس القريب فقدت صديقا وزميلا وصرحا من صروح أرامكو السعودية، ويشاركني في هذا المصاب الألوف في الشركة ممن عملوا معه. فريد هو هذا الرجل.. إصرار عجيب على العطاء والبذل. فتحت له مغاليق علوم طبقات الأرض في وطننا. ولعل حب فقيدنا عبدالله النعيم لهذا الوطن وأرضه هو الذي جعلها تبادله حباً بحب، وتكشف له عن أسرارها وخفاياها، وتوصله وفريقه الى مكامن ثرواتها ببلايين براميل زيتها وتريليونات غازها. ولا ابالغ لو قلت اننا لو وضعنا بصمة الفقيد على كل منطقة في بلادنا ساهم الفقيد في دراسة طبقاتها، لملأت بصماته خارطة المملكة. وبرحيل عبدالله النعيم تفقد أرامكو السعودية القائد المميز لقطاع رئيس فيها، هو قطاع الاستكشاف. وقد ظل الفقيد دوما قيادياً محنكاً، معروفا باخلاصه وتفانيه وشغفه بالعمل الجاد الدؤوب، ومنهلاً للحكمة والحصافة في العديد من مجالاتها. وهو قيادي ذو رؤية ثاقبة وقرارات جريئة في مجال تخصصه، يشهد لذلك دفعه لقطاع الاستكشاف بالشركة نحو التوجه للمجالات غير التقليديةكالاكتشافات في السجيل وغيرها. وسيفقد الوطن برحيله رجلاً حريصاً على كل ما فيه خيره ونماؤه، ظل ينقب في أرجائه الواسعة حتى تعداها إلى سواحله، لقد عرفت الفقيد لما يزيد على عشرين عاما لم اره فيها يوما يبحث عن شيء لنفسه، بل كان شاغله دوما دعم الآخرين والسعي لتحقيق طموحاتهم. والساعات الأخيرة التي قضيتها مع أبي عبدالعزيز، ونحن في شمال المملكة مساهما في تعزيز مخزونه الوطني بالاكتشافات الجديدة، لتعوض هذه الاكتشافات، ما انتجته المملكة من الزيت والغاز طوال السنين الماضية. ولن تفقده الشركة فحسب، بل سيفقد ايضا عالم الصناعات النفطية خبرته الواسعة ودرايته بخفايا التنقيب والجيولوجيا والاستكشاف التي جعلته صوتاً مسموعاً في دوائر هذه الصناعة في أنحاء العالم أجمع. وكما دانت له مفاتيح خزائن النفط؛ دانت له أيضاً قلوب كل من عمل معه. فقد رأوه جميعاً قيادياً مميزاً، يقف في مقدمتهم مضحياً بوقته وراحته، ورأوه بتلك الابتسامة التي لا تفارق وجهه في أحلك المواقف متفاعلا دوما معهم وموجهاً لهم، ومزيلاً العراقيل من أمامهم، كل ذلك بروح طيبة وتواضع جم عرفه الكبير والصغير. ورأى فيه الجيل الجديد من شباب الشركة ابا حانيا حريصاً على تنمية قدراتهم وتطويرهم ومنحهم أفضل الفرص والخبرات. ولقد عرفت الفقيد لما يزيد على عشرين عاما لم اره فيها يوما يبحث عن شيء لنفسه، بل كان شاغله دوما دعم الآخرين والسعي لتحقيق طموحاتهم. والساعات الأخيرة التي قضيتها مع أبي عبدالعزيز، ونحن في شمال المملكة، نراجع خطط الاستكشاف والتنقيب، بدا فيها كل ما في هذا الرجل من إيثار وتفان ظلا يدفعانه لبذل مزيد من الجهد والوقت في خدمة شركته ووطنه، ليتوفاه الله وهو يواصل البذل والتضحية حتى خاتمة حياته العطرة. وأنا أتذكر ما كان به من تفاؤل وطموح حول مشاريعنا هناك؛ يملأ الحزن قلبي أنه لن يكون هنا ليشهد ثمرات غرسه تجنى في هذا الجزء من وطننا خيرا ونماء. وسنفتقدك أبا عبدالعزيز، شهامة ونبلاً وحسن خلق، وروحاً ملئت بالخير. وستفتقدك عائلتك ابناً باراً لا يقبل بالانتقال من جوار والديه إلى حي آخر حتى لا يبعد عنهما، ورب أسرة حانياً وجدوه دوماً مضحياً في سبيلهم وحريصاً عليهم.رحمك الله عبدالله النعيم رحمة واسعة، وأثابك على عطائك الجم، وشفعت لك تضحياتك الكثيرة، وأسكنك المولى في فسيح جناته، إنه سميع مجيب الدعاء. رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين