الشخصيات الرياضية في السعودية لها نصيب كبير من كعكة الحديث في المجالس وتساهم بتشكيل ثقافة الانتماء والتعبير الدفاعي ، وقد تُخلد بعض تصريحاتهم سنين طويلة وتستخدم مفرداتها في سياقات طريفة بطريقة تهكمية وفق النكهة السعودية ، وأذكر هنا حديثاً عابراً مع طلاب جامعيين في أحد مقاهي الرياض كنا نتكلم فيه عن معاني الصداقة فقال أحد الجالسين بلغة ساخرة وكان يصوب نظره لمن بجواره (ماصديقنا إلا إنا) فرد جاره بغضب قائلاً :( صعبة قوية ) !!.. من أعظم المعاني الإنسانية معنى «الصداقة» ، فالصداقة ضرورة حياتية تخفض الشعور بالوحدة وتوجد بيئة جميلة للتعبير عن المشاعر وتبادل الخبرات في أجواء ممتعة وبرفقة قريبة للقلب . ويصف فولتير الصداقة بقوله :( هي زواج الروح وهذا الزواج معرض للطلاق ) ، فهي أرواح تجندت وتشاكلت وإن اختلفت طبائع أصحابها ، فالصداقة عقد بين الأرواح لا يدون في المحاكم ولايوثق بالشهود . الصديق يفتح قلبه قبل أذنيه ، فكن مستودعاً آمناً لهمومه وأشجانه ، واستمع بأذنك لما قال وبروحك لما لم يقل ، واستمع له ولا تسمع عنه لأن النمام ترتفع شهوة شرهه عندما يبصر صديقين رائعين ، وأحدهم جاء لرجل فقال له : ( قد خطبت صداقتك ) فرد عليه الرجل : ( قد أنكحتك صداقتي ومهرها ألاّ تسمع فيّ قول قائل ). التصالح مع الذات من أعظم الهبات ، ويقود هذا التصالح إلى صداقة عميقة وجميلة مع النفس ، ورحلتها شاقة وطويلة كما يصفها أفلاطون : ( أشق أنواع الصداقة صداقة المرء لنفسه ) . وكثير من الناس يتعرض إلى اخفاقات حادة ومؤلمة مع أصدقائه لأنه افترض قواعد ليست صحيحة فكانت النتائج على الأرض سوداء وموجعة . من أبجديات الصداقة أن تقبل صديقك كما هو ، وتتكيف مع عيوبه ومثالبه ، والأتراك يقولون : ( من يبحث عن صديق بلا عيب يبقى بدون صديق ) ، فصادق صديقك كما هو لا كما تريد . والصديق ينتظر منك الصدق ، وما أجمل قول الشافعي : ( سلام على الدنيا إذا لم يكن بها - صديق صدوق صادق الوعد منصفا ) ، وهذا لا يعني أن تكثر من انتقاده ونصحه ، فالصداقة إناء استيعاب وحضن احتواء يقدم المواساة على العتب . الصديق يفتح قلبه قبل أذنيه ، فكن مستودعاً آمناً لهمومه وأشجانه ، واستمع بأذنك لما قال وبروحك لما لم يقل ، واستمع له ولا تسمع عنه لأن النمام ترتفع شهوة شرهه عندما يبصر صديقين رائعين ، وأحدهم جاء لرجل فقال له : ( قد خطبت صداقتك ) فرد عليه الرجل : ( قد أنكحتك صداقتي ومهرها ألاّ تسمع فيّ قول قائل ). والصبر على الصديق من حقوق الصداقة ، فمن اخترته كصديق يستحق منك التضحية والصبر وكما قال عمر بن عبدالعزيز : ( لا تقطع صديقاً وإن كفر ، ولا تركن لعدو وإن شكر ) ، وعندما ترسم خارطة الصداقة فامنح هامشاً كبيراً للخطأ حتى لاتزول هذه الخارطة من جغرافيا حياتك . ليس من معاني الصداقة أن أكون عدواً لعدوك أو صديقاً لصديقك ، وليس من معانيها أن أتكلف من أجلك فجمال الصداقة بالتلقائية الثنائية . في السياسة لا صديقٌ دائم لأنه لايوجد عدو دائم ، فالمصالح فقط هي من تحدد الأصدقاء والأعداء ، وصدق ديو هرست عندما قال : ( مزج السياسة بالصداقة غالباً ما يشكل خاتمة الصداقة ) . وإذا أردت أن تحافظ على الصداقة فتجنب الشراكة المالية فالتجارة ليست الطريق الأمثل لتوطيد العلاقة ، وكما يقول الفرنسيون : ( من يقرض ماله لصديق يخسر الاثنين ) ، ويشكو كثير من الأغنياء انعدام الأصدقاء الحقيقيين من حوله لأنهم في الغالب يبحثون عن صداقة جيبه ولا يفكرون بصداقة روحه . وكثير من الناس يكون صداقاته في وقت مبكر من عمره ويكتفي بهم ، مع أن تكوين صداقات جديدة في كل مرحلة عمرية يجدد الحياة ويبعث فيها أرواحاً جديدة . وحياتك سيكون لها طعم آخر حينما ترتقي زوجتك إلى صديقة وحبيبة وشريكة ، وبدأت تشكو لها نفسك من نفسك ثم تحنو عليك لأنها صديقة مخلصة . عندما يكون الأصدقاء متنافسين في مجال عملهم فإن الحسد سيجد بيئة خصبة لزرع معاول هدم الصداقة إن لم يتنازل الأصدقاء عن حظوظ أنفسهم الحسودة . وخير صديق من يخاف الله ، فهذا حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام يقول : ( المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل ) . الحصول على صديق يستحقك تحدده روحك ، والمحافظة على هذه الصداقة تحددها أفعالك ..