تواصلت، في اليومين الماضيين، التحذيرات الأوروبية والأمريكية لنظام الأسد من مغبة أي تفكير باستخدام الأسلحة الكيماوية. ونظام الأسد ارتكب كل أنواع الجرائم ضد الشعب السوري، واستخدم كل أنواع الأسلحة الفتاكة، ولم يبقَ عليه سوى أن يلجأ إلى الأسلحة الكيماوية. وهو لن يتورع عن ارتكاب هذه الجريمة، إلا إذا تقيّد بتعليمات من طهران وموسكو. ويمكن أن تفيد هذه التحذيرات مع أنظمة سوية، وتستطيع التفكير بمنطق المصالح والأرباح والخسائر. ولكن التحذيرات والنصائح ودروس التاريخ لا تفيد مع نظام شمولي، لأن التاريخ السلوكي للأنظمة الشمولية، مثل نظام الأسد، لا يطمئن السوريين ولا العرب ولا المجتمع الدولي، بحكم أن الأنظمة الشمولية أنظمة متهورة ونزقة وتتميّز برعونة تتعدى حدود المنطق والمقبول، وقد ملأت كتب التاريخ بحرائق المدن وعمدت صفحاتها بدماء الأبرياء. وما يُخيف أيضًا أنه فوق أن نظام الأسد شمولي، فإنه يخضع لسيطرة قوى تعادي الشعب السوري والأمة العربية، ويغرق النظام في أوحال الأزمة، وكل تصرّفاته كانت رعناء ومتهورة وتثمر، دائمًا، عن تصعيد جديد للأزمة، وليس تقدمًا إلى أي حل. ونظام قتل أربعين ألفًا برصاص الدبابات والصواريخ وغيّب عشرات الآلاف من مواطنيه، وشرّد الملايين، لا يمكن التكهّن بأنه يحسن التصرف أو أنه يدرك مخاطر الأسلحة التي يملكها، حتى يميّز عواقب تصرفاته، فنظام يرسل ميليشيات مجرمة لقتل الأطفال وامهاتهم وهم نيام بهدف التطهير العرقي، ويطلق صواريخ وبراميل متفجرة على منازل، لا يمكنه أن يتورع عن استخدام أسلحة كيماوية، خاصة حينما يتقدّم الثوار ويبدأون معركة تحرير دمشق التي يسيطرون على ضواحيها وبعض أحيائها، ويخوضون مواجهة مع النظام في أحياء أخرى منها. ونظام لا يمكن التكهّن بتصرفاته، وسجل سلوكيات خطيرة وخرقاء، لا يمكن أن يحجم عن استخدام أسلحة كيماوية في أي وقت. وحينما يبلغ التوتر العصبي للنظام ذروته، ولا يستطيع مواصلة القتال بأسلحة تقليدية، عندها سيصاب بلوثة جنون أكثر سطوة ما يلم حاليًا، فيبدأ بالإقدام على تصرّفات غير محسوبة وأكثر تهورًا وجنونًا ما يرتكبه الآن. والنماذج المرعبة للجرائم التي ارتكبها نظام الأسد بحق شعبه، وسلوكيات النظام الرعناء، تحتم على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات وقائية، لحماية السوريين والمدن السورية من الأسلحة الكيماوية، بدلًا من أن يتفرغ وزراء خارجية دول لتوزيع العظات والتحذيرات لنظام الاسد، فبعد أن يقدِم النظام على تصعيد ارتكاباته إلى حرائق شاملة في المدن السورية، لن يكون لهذه التحذيرات ولا العظات أي فوائد. وسيرتكب المجتمع الدولي خطأ فادحًا إذا ما اقتنع بأن مثل هذه التحذيرات يمكن أن تردع نظام الأسد عن ارتكاب الأسوأ.