عجيب هو أمر السعادة، ينشدها الجميع، وما أن يصل إليها أحدهم إلا وتتسرب من بين يديه كمالئ كفه بالماء ليبقى فيه، والسؤال هنا: لماذا لا تدوم لحظات السعادة، ولماذا لا تأخذ حقها في الاهتمام، ولماذا نهتم بلحظات التعاسة أكثر، وبتدقيق النظر هنا فإن 50% من الشعور بالسعادة يعود إلى الموروثات التي يملكها الإنسان، و10% من الشعور بالسعادة يعود إلى ظروف الحياة التي يعيشها الإنسان، في حين أن 40% من الشعور بالسعادة يرجع إلى ما يقوم به الفرد ذاته من أنشطة وممارسات بهدف زيادة شعوره بالسعادة. ومن هنا فإن الإنسان عليه أن يتسم بسمات السعداء الذين يحققون درجات مرتفعة على مقاييس الثقة بالنفس ويمتازون بالصلابة النفسية والتقدير المرتفع للذات، وهم أكثر تفهّمًا ويتمتعون بدرجة مرتفعة من الذكاء الوجداني لمشاعر الآخرين، إضافة إلى اتزانهم من الناحية الانفعالية، وهذا ما يؤهّلهم لأن يكونوا الأفراد الأكثر صحة من الناحيتين النفسية والجسدية. والعجيب أن تلك اللحظات السعيدة المحببة إلى نفوس الجميع سريعًا ما يتلاشى أثرها، ولعل ذلك يرجع إلى ما أظهرته الدراسات الحديثة في هذا الشأن أنه يوجد أفراد بطبيعتهم أكثر سعادة من غيرهم، وذلك مهما واجهوا من صعوبات؛ كونهم ينظرون إلى الجانب المشرق، ويتمتعون بالأمل ويتوقعون حصول الأفضل. وثمرة الحديث هنا أن نصل إلى النقطة الفارقة هنا، ألا وهي: كيف نكون سعداء؟ وللإجابة عن هذا فإن العلماء ينظرون إلى الشعور بالسعادة من زاويتين: زاوية نفسية - وجدانية: تشمل الشعور بالمتعة واللذة، والفرح والسرور، ومشاعر الأمن والطمأنينة، وزاوية عقلية - معرفية: تتضمن ما يدركه الفرد من رضا عام عن حياته أو أحد جوانب حياته الخاصة، ولا يوجد خلاف بين النظرتين السابقتين؛ لأن الإنسان يعبّر بسلوكياته عن السعادة التي يشعر بها بوجدانه، ويدركها بعقله. وبالتالي لا نستطيع الفصل بين ما هو وجداني وما هو عقلي ومعرفي، وعلى الإنسان الساعي للشعور بالسعادة أن يعمل على تحسين مزاجه وتعديل نظرته للحياة والمواقف من حوله بما يحقق له السعادة. إجمالًا، فإن الأشخاص السعداء كغيرهم من الأشخاص، يواجهون تحديات وأزمات في حياتهم، لكنهم يتميزو ن عن غيرهم بالقوة والاتزان اللذين يظهرونهما في مواجهة التحديات، وتفسير المواقف بطريقة إيجابية، وهو ما يحقق لهم السعادة المنشودة. أخبار متعلقة من زجاج النافذة تغيرت الدنيا مواعيد عربية مع الشيطان!!