خلال هذا الأسبوع انتشر بشكل كبير في وسائل الشبكات الاجتماعية مقطع نشوب طالب تحت باب إحدى مدارسنا في المملكة عند محاولته الهرب ،هذا المقطع حظي بالكثير من التعليقات سواء في الشبكات الاجتماعية أو في الصحف الإلكترونية لكن ما شدني هو التعليق العفوي و الفوري لابن أختى حين رأى المقطع وهو ذو عمر مقارب للطفل الهارب حيث علق مستنكراً على من علق تحت الباب بالقول « الغبي .. كان نقز !! « ما شدني في هذا التعليق هو التساؤل المنطقي التي تنطوي عليه ، ودون أي مجاملة لابن أختي فقد كانت نصيحة مثالية إلا أن السؤال في طياته دعاني للتفكير ومحاولة الإجابة عنه ،وهو لماذا لم يقفز ذلك الولد ؟ حاولت جاهداً عصر مخي لمعرفة السبب في تفكير الطفل الهارب بالزحف دون القفز فلم أجد سبباً مقنعاً لذلك ، وقد تكون خبرتي الضعيفة في الهروب من المدرسة بطرق مبتكرة هي السبب في عدم تمكني من الإجابة ،ففي المدرسة الثانوية التي درست بها كان الباب مفتوحاً على الدوام لمن أراد الخروج وكان ذلك بعد أن عجزت الإدارة عن وقف ظاهرة الهروب الجماعي بعد استنفدت كافة الوسائل حتى لدرجة لصق بقايا الزجاج المكسر على السور غير أن اطلاعي على بعض الأخبار عن وزارة التربية والتعليم جعلني أعيد النظر في سبب عدم قفز الطفل ،فالسبب ببساطة يعود إلى أن الطفل يتبع سياسة الزحف التي تنتهجها وزارة التربية والتعليم ،فالأخبار المتداولة تفيد بأن تكلفة اعتماد الشعار الجديد لوزارة التربية والتعليم تبلغ 41 مليون ريال سعودي !! ودون الحديث عن الناحية الجمالية والفنية الضعيفة في الشعار فإن الوزارة قامت بالرد من خلال (مصدر مسؤول ) لم يكشف عن اسمه ولا منصبه ولكن كشف للزميلة صحيفة «الجزيرة» بأن تكلفة الشعار لم تتجاوز 400 ألف ريال سعودي تشمل تكلفة تصميم الشعار والهوية الفكرية مع ملاحظة أن ذلك المصدر المسؤول لم يوضح إن كانت تكاليف طباعة لوحات المدارس وتركيبها وملحقاتها من الأمور الإدارية المعتادة شملت هذا الرقم الذي ذكره أم لم تشمل ، فالزحف كان في تصريح المصدر المسؤول الذي بين بأن اعتماد الشعار الجديد في كل متعلقات الوزارة سيستغرق ثلاث سنوات وهي بالمناسبة ويا للمصادفة يساوي نفس عدد السنوات التي تحتاجها تركيا حتى توفر آيباد لكل طالب في مدارسها . فهي سياسة القفز مقابل سياسة الزحف . سياسة القفز التي لم تنتهجها الوزارة ولم يعمل بها الطالب الهارب تعني توفير بيئة مثالية للتعليم جاذبة للطلاب ، يذكر أحدهم بأن ابناءه في السويد يصابون بالكآبة عندما يأتي يومي السبت والأحد ليس لأنها يومي بداية الأسبوع الدراسي كما لدينا ، بل لأنها ايام الإجازة الأسبوعية حيث تتوقف المدارس ،وآخر في كندا يخبرني بأنه يهدد أبناءه حين مشاغبتهم أو تقصيرهم بحرمانهم من الذهاب إلى المدرسة ، ويقول مثل هذا التهديد كاف لإعادتهم لجادة الصواب ،فهو تهديد قاس يحرمهم من متعة كبيرة ألا وهي المدرسة . هذه أمثلة بسيطة مقابل السياسة التي اختارتها وزارتنا وهي سياسة الزحف التي تتمثل في مشروع يستغرق ثلاث سنوات لمجرد تغيير الشعار ، اهتمام بأمور شكلية وتأخير لأمور جوهرية وسيأتي يوم نقول يا وزارتنا كان قفزتِ . @mashi9a7