كان مجمع مدارس الجبيل للبنات في بؤرة الاهتمام الصحفي خلال الأسبوع الماضي، إذ نشرت صحيفة (اليوم) تقريرَين يتناولان الوضع وتطوراته في المدرسة. ورد في التقرير الأول أن إدارة الدفاع المدني في محافظة الجبيل أخلت مبنى المجمع الذي يضمّ (1000) طالبة بعد تلقي بلاغ من مديرة المدرسة بمشاهدتها وصول ماء متسرّب الى أسلاك الكهرباء. وجاء في التقرير، أيضًا، أن إدارة الدفاع المدني حذرت إدارة المدرسة عدة مرات بخصوص خطورة الوضع في المبنى بسبب قِدمه وخُلّوه من مخارج للإخلاء في حالات الطوارئ. ورغم استئناف الدراسة في المجمع يوم الثلاثاء، ورد في التقرير الثاني أن عدد الطالبات اللاتي جئن للمدرسة لم يتعد (105) طالبات، حيث منع الغالبية العظمى من أولياء الأمور بناتهم من الذهاب الى المدرسة خوفًا عليهن من التعرّض للخطر جراء تصدع المبنى. مضى زمن، مضت سنوات والصحافة المحلية في طرح وإثارة مستمرّين لقضية المدارس المستأجرة، وجاء زمن اصبح المرء يتفاءل فيه بقرب اختفائها من جميع المدن والقرى في كل ركن من الوطن. ولم يدُر في البال أنه ستشخّص أمامه مشكلة أخرى؛ مشكلة المدارس الآيلة للانهيار او الاحتراق. بصراحة، وبدون لف أو دوران في الكلام، هذه فضيحة وبجلاجل، كما يقول الإخوة المصريون. وكيف لا تكون فضيحة والأمر يتعلق بتواجد ألف بنت من بنات الوطن في مكان متصدع يهدِّد بالانهيار على رؤوسهن خمسة ايام في الأسبوع. والأدهى والأمرّ وجود هذا المبنى واستمرار الدراسة فيه في بلد مَنّ الله عليه بثروة كبيرة وخيره يصل الكثير من الناس في كل جهة من هذا العالم. وأؤكد على البُعد الفضائحي لهذه الحالة لأنها ليست الوحيدة، فهي ليست إلا نموذجًا أو رأس جبل الجليد من مدارس أخرى تعاني المشكلة ذاتها ومشاكل مشابهة سواء في المنطقة الشرقية أو المناطق الأخرى، كما تبيّن لي خلال متابعتي ما يُنشر من أخبار عن أحوال المدارس، في هذه الجريدة على وجه الخصوص. إن مشكلة مجمع مدارس الجبيل تشبه المشكلة التي واجهتها إدارة المدرسة الخامسة عشرة الابتدائية في محاسن في محافظة الأحساء، والتي أُخليت من الطالبات بعد اتضاح عدم صلاحية المبنى على الرغم من حداثة هذه المدرسة نسبيًا بحسب ما ورد في الخبر الذي نُشر في(اليوم) في شهر أكتوبر الماضي. وأكتفي بالإشارة الى تغيب (550) طالبة عن الدراسة، في الإسبوع الماضي، في المدرسة الأولى بالعوامية خوفًا من انهيار المدرسة بعد سقوط جزءٍ من السقف وفقًا للخبر المنشور في (اليوم) أيضًا، ويجب ألّا أنسى العصافير التي حوّلت أغطية أسلاك مراوح السقف الى أعشاش في مدرسة في النعيرية، في خبر نشر في (اكتوبر). وسأنبش عش الأسئلة مبتدئًا بالسؤال: مَن المسؤول عن وصول عددٍ غير قليل من المدارس الى هذه الدرجة من سوء الحال الى حدّ تهديد الطالبات أو الطلاب بخطر الانهيار أو الاحتراق بسبب تماسات الأسلاك الكهربائية؟ لماذا تستمر الدراسة في مبان تجاوزت بسنوات عمرها الافتراضي؟ أين المتابعة من قبل الجهات المكلفة بمهمة صيانة المدارس؟ كيف يمكن تبرير هذا الإهمال الذي لا يمكن إنكاره؟ طبعًا لا أتوقع أجوبة مقنعة وشافية وصريحة سواء من إدارة التربية والتعليم في المنطقة الشرقية أم من وزارة التربية والتعليم، فلقد اعتدت كما اعتاد الآخرون على الأجوبة والردود الجاهزة والمعلبة من العلاقات العامة في الإدارات الحكومية. مضى زمن، مضت سنوات والصحافة المحلية في طرح وإثارة مستمرّين لقضية المدارس المستأجرة، وجاء زمن اصبح المرء يتفاءل فيه بقرب اختفائها من جميع المدن والقرى في كل ركن من الوطن. ولم يدُر في البال أنه ستشخّص أمامه مشكلة أخرى؛ مشكلة المدارس الآيلة للانهيار او الاحتراق. مشكلة مفجعة وموجعة إلى أبعد الحدود، ومخجلة الى أبعد الحدود ايضًا. فأنا أتوقع وأتقبّل وجودها في بلد فقير من ناحية الموارد الاقتصادية ومزدحم بالسكان، لكن لا أتقبّل وجودها ولا أتوقعه في وطن أفاء الله عليه بالثروات الهائلة. فمن المسؤول؟ [email protected]