قضيتُ في مجلس الشورى ثلاث دورات متتالية، عايشت خلالها –بطبيعة الحال- أنشطة المجلس وآلية عمله وممارسة نظامه. وفي غضون ستة أسابيع تنتهي الدورة الحالية ويعاد تشكيل المجلس للدورة المقبلة، فكما ينصّ نظام المجلس سيخرج ما لا يقلّ عن نصف الأعضاء الحاليّين، وسيدخل أعضاءٌ جدد ومن ضمنهم مواطنات. ودخول النساء السعوديات للمجلس لم يتطلب أي تعديل في نظامه إذ أنه لم يميّز فيما يخص الجنس، ومع تطوّر ونضج تجربة الشورى عندنا فلعلّ مِن الملائم توسيع بنود المادة الخامسة ليُضافَ للمجلس اختصاص لطالما طُرح وهو: مناقشة مشروع الميزانية العامة للدولة ومتابعة بنود الإنفاق الرأسمالي من الميزانية أي تنفيذ المشاريع بوتيرة ربع سنوية. أمّا التعديل الثاني الذي آن وقت إدخاله على مواد نظامِ مجلسٍ يتعلّق بالمادة 22 لحضورٍ للوزراء روتينياً أمام المجلس للإجابة على أسئلة الأعضاء على أن يُقدِّم الأعضاء أسئلتهم مسبقاً ،ويأتي الوزير للمجلس بإجابات كاملة كما هو مُمارسٌ في المجالس البرلمانية. أما مناقشة الميزانية العامة فمن شأنها أن تُعمِّق إشراك المجلس في اتخاذ القرار التنموي، ولعل الوقت مؤاتي الآن أكثر من أيِّ وقتٍ مضى؛ فحتى نهاية الدورة الرابعة من دورات مجلس الشورى كان الإنفاق الاستثماري للدولة محدوداً، إذ كان جلُّ الإنفاق جارياً يذهب لتمويل الباب الأول. بعد ذلك ارتفعت إيرادات الخزانة فحقّقت فوائضَ خُصِّص جزءٌ منها للمشاريع التنموية وبزخمٍ غيرِ مسبوقٍ حتى أخذت بعض المشاريع تتكدسُ وتتأخر وتتعثّرُ وبعضُها يتجاوز الميزانية المخصصة. وبما أن هناك اختصاصاً أصيلا لمجلس الشورى –بحُكم نظامه- يتّصل بإقرار ومتابعة الخِطَطِ التنموية ،ممّا يجعل متابعة تنفيذ المشاريع التنموية أمراً مُكمّلاً لذلك الاختصاص ولاسيما الشأن المالي فقد خصص في الميزانية للمشاريع 265 مليار ريال في العام الحالي، وتضاعفت المخصصات الرأسمالية نحو سبعة أضعاف مقارنة بالعام 2003. أمّا حضور الوزراء إلى المجلس كلما رأى المجلس ملاءمة ذلك فله مبررات جوهرية عدة، لعل أهمها إبقاء المجلس حاضراً فيما يستجد من أمور، إذ يرتكز عمل المجلس حالياً على محورين؛ الأول التشريع والثاني المراقبة اللاحقة للأداء، في حين أن هناك جزءاً متمِّماً وتعزز حيوية الدور الرقابي للمجلس عبر تقوية اختصاصة لمتابعة المستجدات.. فحالياً، قد تجد ان المجتمع مهمومٌ بقضيةٍ مثل سيول جدة أو أزمة الأسهم أو التوظيف أو النقل ،لكن لا يناقشها المجلس ليأخذ بخصوصها قراراً إلا عند سانحةِ ورود التقرير السنوي للجهة الحكومية ذات الصِّلة. توتير: @ihsanbuhulaiga