كشفت تقارير «منظمة التجارة العالمية» أن التمويل التجاري يدعم نحو 90 بالمائة من حجم التجارة العالمية، مما يجعله أحد المقوّمات المحورية للازدهار الاقتصادي. وتجلت أهمية التمويل التجاري بشكل واضح خلال الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم عامي 2008 و2009 عندما أدت أزمة الائتمان العالمية إلى زيادة وتيرة التباطؤ في الصادرات. وانخفضت قيمة تجارة السلع العالمية من 16,1 تريليون دولار في عام 2008 إلى 12,5 تريليون دولار أمريكي في عام 2009، أي بنسبة انخفاض تقدّر ب22,3 بالمائة.ووفقًا للتقرير الشامل الصادر عن شركة «الماسة كابيتال» أمس، فإن من الضروري الحرص على تفادي تكرار ذلك مرة أخرى من خلال التوظيف الأمثل لإمكانات قطاع التمويل التجاري على الصعيدين الإقليمي والعالمي. من المتوقع أن يحقق القطاع التجاري في المنطقة نموًا بنسبة 131 بالمائة بين عامي 2012-2026 متجاوزًا بذلك معدل نمو التجارة العالمية. ويرتكز التمويل التجاري بشكل رئيسي على 4 جوانب رئيسية تشمل: تسهيلات الدفع، والتمويل، والحد من المخاطر، وتوفير المعلومات المتعلقة بالحالة العامة للمدفوعات أو عمليات الشحن. ويشير التقرير إلى أن قطاع التمويل التجاري يوفر العديد من الفرص الاستثمارية المجزية والمتنامية، حيث أشارت شركة الاستشارات العالمية «أوليفر وايمان» إلى أن قيمة أسواق التمويل التجاري العالمية ستصل إلى 38 مليار دولار (من حيث الإيرادات) بحلول عام 2015. ووفقًا لتقرير «الماسة كابيتال»، فقد أدرجت مجلة «جلوبال فاينانس» مصارف «سيتي بنك»، و»بي إن بي باريبا»، و»يونيكريديت»، و»البنك العربي»، و»بنك إس إي بي»، و»إتش إس بي سي»، و»ستاندرد بنك» على قائمة «أفضل البنوك للتمويل التجاري في العالم» لعام 2012. كما أدرجت المجلة كلًا من «البنك العربي»، و»بنك الإماراتدبي الوطني»، و»بنك قطر الوطني» على قائمة « أفضل البنوك للتمويل التجاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا». وبالتركيز أكثر على الصعيد المحلي، يستخدم التقرير إحصائيات بنك «إتش إس بي سي» المصرفية لتسليط الضوء على إمكانات التمويل التجاري الهائلة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن المتوقع أن يُحقق القطاع التجاري في المنطقة نموًا بنسبة 131 بالمائة بين عامي 2012-2026 متجاوزًا بذلك معدل نمو التجارة العالمية التي من المتوقع ارتفاعها بنسبة 86 بالمائة خلال الفترة ذاتها. ويُعزى نمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل كبير إلى ازدهار قطاع المنتجات الهيدروكربونية، فضلًا عن مبادرات بلدان المنطقة لتنويع اقتصادياتها بمعزل عن المواد الهيدروكربونية، وهو اتجاه قد يسهم بدفع عجلة النمو في عدة قطاعات بما فيها البضائع (مثل الحديد الخام، والرصاص، والرز، والقمح) التي تحول المنطقة بشكل متزايد إلى محور تجاري عالمي؛ والبنية التحتية (المنتجات الفولاذية والحديدية اللازمة في العمران)؛ والأسمدة؛ إضافةً إلى المنتجات الإلكترونية مثل الدارات المتكاملة. علاوةً على ذلك، من المتوقع أن تبرز عمان وليبيا وقطر إلي الواجهة كشركاء تجاريين رئيسيين ضمن المنطقة، فيما ستكون مالطا وبولندا والبرازيل الشركاء الأساسيين في الأسواق الدولية.وحققت دولة الإمارات العربية المتحدة نموًا كبيرًا جعل منها واحدًا من أهم المحاور اللوجستية والتجارية في العالم، بحسب التقرير. كما صنف البنك الدولي في تقريره الخاص بمزاولة الأعمال لعام 2012، الإمارات في المرتبة الخامسة عالميًا ضمن أفضل الدول (من بين 183 دولة) من حيث سهولة التجارة عبر الحدود.من ناحية أخرى، يمكن لتطبيق القواعد التنظيمية الصارمة لاتفاقية «بازل 3» أن يحد من قدرات التمويل التجاري رغم أن بنوك الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المعروفة بكونها عمومًا محافظة ومموّلة بشكل جيد) تتمتع بمكانة أفضل من نظرائها الدوليين للانتقال إلى البيئة التنظيمية الجديدة في الوقت المناسب. وتتطلب القواعد الجديدة من البنوك المحافظة على مستويات أعلى من احتياطي رأس المال عند إبرام الصفقات المالية التجارية، أضف إلى ذلك الاضطرابات التي تشهدها أوروبا، والنمو الاقتصادي بطيء الوتيرة في الصين، وتحذير «صندوق النقد الدولي» من تدهور الوضع الاقتصادي؛ وبذلك لا يبدو المستقبل القريب مشرقًا بالنسبة للتمويل التجاري.ولا ينطبق هذا الوضع على الجميع بطبيعة الحال، فقد استقر مؤشر الثقة التجاري الصادر عن بنك «إتش إس بي سي» - وهو استطلاع نصف سنوي يشمل عددًا من المصدّرين والموردين في 20 دولة - عند المستوى 113 في شهر يونيو 2012 مع العلم أن المستوى 100 نقطة يشير إلى وجهة نظر إيجابية. وأشار نحو 71 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع إلى اعتقادهم بأن التجارة تتوجّه إما نحو الاستقرار أو النمو خلال الأشهر الستة المقبلة. ولم يكن من المفاجئ أن تحقق دولتان من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نتائج مرتفعة وفقًا للمؤشر وهما الإمارات (124) والمملكة العربية السعودية (137).