أكد تقرير اقتصادي متخصص ارتفاع حجم الإنتاج العالمي من النفط الخام والمواد النفطية الى نحو 89 مليون برميل يوميًا خلال شهري سبتمبر وأكتوبر لعام 2012. وأوضح التقرير الصادر حديثًا عن المركز الدبلوماسي للدراسات الإستراتيجية أن حجم الاستهلاك تجاوز حجم الإنتاج نتيجة سحب حوالي 600 ألف برميل يوميًا من احتياطيات الدول الصناعية الكبرى في بادرة تهدف إلى تهدئة أسعار النفط والعودة بها إلى ما تحت 100 دولار للبرميل سعيًا إلى إنعاش نمو الاقتصاد العالمي.وأشار الى أن زيادة حجم الاستهلاك شجّعت الدول المنتجة إلى زيادة إنتاجها لمواجهة الطلب مما أدى إلى ارتفاع أسعار برنت إلى ما فوق 111 دولارًا للبرميل لمدة خمسة أيام حتى 23 أكتوبر 2012، مبينًا أن معظم الزيادة في الإنتاج جاءت من السعودية وليبيا والعراق ولكن ذلك الارتفاع في النفط السعودي لم يعُد بالكامل على السوق العالمية حيث يستنفد السوق المحلي بها كميات كبيرة من تلك الزيادة.وذكر أنه بين عامي 2000 و2010 ارتفع الاستهلاك الصيني من النفط بصورة أكبر من أي دولة أخرى، المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة التي تمتلك طاقة إنتاجية كافية لتغطية النقص في العرض وبالتالي أصبحت هي الأمل الوحيد في الحفاظ على استقرار الأسواق العالمية. حيث وصل إلى 90 بالمائة أي حوالي 4.3 مليون برميل يوميًا زيادة في الاستهلاك وأصبحت الصين تستهلك الآن أكثر من 10 بالمائة من الإنتاج العالمي للنفط.وأضاف التقرير إن المشكلة لم تعُد في زيادة نسبة استهلاك الصين للنفط، حيث من المعروف أن الصين دولة ناشئة تسعى لمواكبة الدول الصناعية الكبرى ومن ثم فهي ما زالت في مرحلة تحتاج إلى كميات أكبر من الطاقة سواء لتلبية الاستهلاك الفردي أو استهلاك الكهرباء والمشروعات الصناعية العملاقة.وألمح الى أن المشكلة أصبحت تكمن في الدولة الثانية في الترتيب من حيث زيادة الاستهلاك النفطي على مستوى العالم وهي المملكة العربية السعودية التي رفعت استهلاكها بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا ليصل إلى 2.7 مليون برميل يوميًا من جهة لكنها من جهة أخرى أصبحت سادس أكبر مستهلك للنفط في العالم إذ تستهلك اليوم أكثر من ربع إنتاجها اليومي من النفط.وأوضح أن المملكة ليست الدولة الوحيدة التي تتجه إلى المزيد من الاستهلاك، فهناك 6 دول في منظمة الأوبك ارتفع مستوى الاستهلاك فيها بنسبة 56 بالمائة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مشيرًا الى أن تلك النسبة من النمو تمثل 4 أضعاف النمو العالمي وضعف النمو في المنطقة الآسيوية.وأشار الى أن نصيب الفرد من الطاقة واصل ارتفاعه خلال العقد الماضي ووفقًا لبيانات شركة «بي بي» لعام 1970 كان نصيب الفرد من استهلاك الطاقة في دول منطقة الشرق الأوسط نصف النسبة في بقية الدول الناشئة أما بحلول عام 2010 فقد ارتفع استهلاك الطاقة بنسبة 3 أضعاف.ولفت الى أن زيادة الاستهلاك النفطي في دول الخليج تعود لثلاثة أسباب أولها ديموغرافي، حيث تزايد عدد السكان في الخليج بسرعة كبيرة وثانيها اعتماد النفط كمورد أساسي لإنتاج الكهرباء في تلك الدول والأخير يتمثل في زيادة الدخل الفردي التي تقترن بها زيادة الاستهلاك على صعيد اقتناء السيارات وما تحتاج إليه من وقود.وحول ما إذا كانت العوامل الجيوسياسية ستظل عاملًا رئيسًا في ارتفاع أسعار النفط العالمية لفت التقرير الى أن سعر النفط يحوم اليوم ما بين 100 و120 دولارًا للبرميل بفضل الاضطرابات الراهنة بدول الشرق الأوسط والعقوبات الدولية المفروضة على إيران.وقال إن تلك التوترات والاضطرابات في مقدّمة حالة عدم استقرار سوق النفط الدولية مما دفع بالأسعار لتتجاوز 100 دولار للبرميل إضافة إلى شحّ الإمدادات من نفط بحر الشمال ناهيك عن بعض الصعوبات التي تواجهها مصافي التكرير في الهند لشراء النفط الخام الإيراني بسبب العقوبات الغربية المفروضة على طهران وتراجع واردات الصين من الخام الإيراني الذي بلغ نحو 434 برميلًا يوميًا بعد أن كان أكثر من 618 مليون برميل في شهر يونيو 2012.وتوقع تقرير المركز الدبلوماسي للدراسات الإستراتيجية استمرار ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة المقبلة نتيجة عدة عوامل أهمها دخول فصل الشتاء والذي يشهد زيادة معدّلات استهلاك الطاقة والعوامل الجيوسياسية كتصاعد العقوبات الدولية على الصادرات النفطية الإيرانية.وأكد أن سوق النفط العالمية تعيش حالة عدم اليقين، فمن جهة «نجد أن الأسعار لم يعُد لها حدّ معيّن هبوطًا وصعودًا، حيث أصبحت رهينة الظروف السياسية وكذلك الأمنية ولم تعُد عوامل العرض والطلب العامل المحدد للأسعار، كما تقول النظريات الاقتصادية المختلفة، ومن جهة أخرى نجد أن هناك زيادة بمعدلات الاستهلاك النفطي بالدول المنتجة له ومن ثم هناك خطورة بنقص الإمدادات العالمية في الوقت الذي لم تظهر فيه أي بوادر لظهور بدائل للنفط».وأشار الى أن الأمل في الحفاظ على توازن السوق النفطية العالمية أصبح ضعيفًا جدًا في ضوء تواصل الارتفاع في معدلات الاستهلاك النفطي بدول الخليج المنتجة للنفط وذلك في ظل توقعات النمو الضئيلة للنفط المعروض على الصعيد العالمي بالإضافة إلى تزايد الطلب من قبل الصين وبعض الاقتصاديات الناشئة.ولفت الى أن إمدادات النفط على المدى القصير باتت أقل في ظل التوتر الراهن بين الغرب وإيران في إشارة الى أن المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة التي تمتلك طاقة إنتاجية كافية لتغطية النقص في العرض وبالتالي أصبحت هي الأمل الوحيد في الحفاظ على استقرار الأسواق العالمية.