يرجَّح أن يكون صيف هذا العام حاراً وأن ترتفع درجة حرارة أسعار النفط الخام عالمياً على رغم المحاولات العديدة المستمرة من كبار منتجي النفط في منظمة «أوبك» لتهدئة أسعار النفط وضبطها في نطاق 100 دولار للبرميل. ففي الدول النفطية، كما في الخليج، ستزداد الاحتياجات المحلية من النفط والمنتجات النفطية والغازية في ضوء الزيادة المرتقبة للطلب على الكهرباء، خصوصاً لتشغيل المكيفات، وكذلك على الماء المخصص للشرب والاستخدام المنزلي. ويرجَّح أن تحتاج السعودية إلى نحو ثلاثة ملايين برميل من النفط يومياً لتلبية الطلب المحلي على الطاقة، أي ما يعادل نحو 30 في المئة من طاقاتها الإنتاجية من النفط الخام، فيما يتوقَّع أن يحتاج العراق إلى استيراد المشتقات النفطية كلها، من بنزين وديزل وفيول أويل، بما يعادل تقريباً 900 ألف برميل من النفط. ويقدَّر أن يبلغ استهلاك الأمارات المتحدة نحو 700 ألف برميل يومياً وإيران ما يعادل تقريباً مليوني برميل يومياً. وهذا يعني أن إجمالي استهلاك هذه الدول من النفط الخام سيكون ما بين خمسة وستة ملايين برميل يومياً في خلال ذروة الصيف، ما سينعكس على كميات صادراتها النفطية إلى العالم والتي ستكون في حدود 30 في المئة من إجمالي الإنتاج. وهذه المعدلات في تزايد مستمر نتيجة لنمو زيادة معدلات الاستهلاك من الكهرباء والماء ووقود السيارات في ضوء رخص أسعار المحروقات في هذه الدول من دون استثناء، ما سيزيد الضغط على حكومات هذه الدول لبناء مصافٍ جديدة وزيادة الدعم الحكومي للمحروقات من دون عائدات مالية حقيقية للدولة. وهذا سيؤثر حتماً في كميات التصدير الخارجي فتتواصل ارتفاعات أسعار النفط إلى ما فوق 100 دولار للبرميل، خصوصاً أن رمضان المبارك سيكون في عز الصيف، ما سيزيد استهلاك المحروقات في كل الدول الإسلامية ويزيد بالتالي ومن دون شك أسعار المشتقات النفطية. وإذ تضاف هذه العوامل إلى المقاطعة الغربية للنفط الإيراني بدءاً من الأول من تموز (يوليو) الجاري، ستزيد وتيرة المضاربات اليومية على أسعار النفط، وقد يقود ارتفاع أسعار المشتقات النفطية إلى رفع أسعار النفط الخام بما سيؤدي إلى عدم التوازن في الأسواق النفطية الرئيسة في سنغافورة والخليج العربي وسائر الشرق الأوسط. طبعاً لا تزال دول منظمة «أوبك» تضخ أكبر الكميات من النفط الخام في السواق حالياً وبمعدل بلغ قبل الاجتماع الأخير لوزراء النفط في دول المنظمة الشهر الماضي، 32 مليون برميل يومياً، بزيادة مليوني برميل عن سقف الإنتاج الرسمي المعلن العام الماضي. ولا تزال هذه الدول كلها تقريباً تنتج بكامل طاقاتها، في محاولة لسد أي عجز في الإمدادات نتيجة للمقاطعة الأوروبية للنفط الإيراني وترجع حصته في الأسواق الآسيوية نتيجة لخفض اعتماد الدول الآسيوية على إيران، خصوصاً اليابان وكوريا الجنوبية والصين والهند. سيكون صيف هذا العام مقلقاً للدول النفطية نتيجة لعوامل كثيرة، أهمها المقاطعة العالمية للنفط الإيراني، وكيفية تعامل الدول المنتجة الكبرى للنفط. فهل تستطيع الدول النفطية الخليجية العربية أن تملأ الفراغ النفطي الإيراني وهي ذاتها في حاجة كبيرة في الوقت ذاته إلى مزيد من المشتقات النفطية؟ وهل ستشغل المصافي بكامل طاقاتها الإنتاجية وتزيد في الوقت ذاته طاقتها الإنتاجية من النفط الخام؟ إن هذين العاملين مهمان في كيفية التعامل في سد النقص النفطي ما يؤثر في معدلات أسعار النفط. هذا هو التحدي الحقيقي للنفط. الأمر مقلق والصيف بدأ وبحرارة شديدة والجميع يترقبون. فهل يتحقق التوازن بدءاً بتحقيق المعادلة المطلوبة بخفض استهلاك المحروقات في الدول المنتجة في ساعات الذروة؟ * كاتب متخصص في شؤون الطاقة - الكويت