التطوير هو أحد المجريات الطبيعية في الحياة فأحيانا يكون مبادرة وأحيانا يكون حاجة ملحة لمواكبة ما يحدث من حولنا وإلا تخلفنا عن ركب المتطورين , فهو سنة الحياة على الإنسان وحتى الجماد فالإنسان يبدأ بسيطا ويتطور شيئا فشيئا حتى يصبح أكبر وأقدر , والجماد كذلك كالأجهزة والسيارات والطائرات تتطور بشكل دائم وتصبح اقدر واكبر وكذلك الأنظمة والقوانين , فمن يتذكر طوابير البنوك الطويلة قبل سنوات لتسديد الفواتير وإيداع المبالغ يعلم مدى التطور الذي جعل كل هؤلاء الآن يجرون تلك العمليات وهم يتفنجلون من منازلهم عبر الانترنت وكثير من الدوائر الحكومية التي دخلت منظومة التقنية وانتقلت بخطوات كبيرة مما كانت عليه في السابق من نظام الملف الأخضر العلاقي العظيم والذي يستحق أن نكتب عنه أكثر من ال»معلقات» السبع نظرا لمعاصرته للمجتمع لفترة طويلة وخصوصا «التعليق». لم يفكر الصندوق في تطوير المبلغ المخصص للقرض والذي لم يتغير من عشرات السنين والبالغ 300 ألف ريال والتي في وقتنا الراهن لا تساوي حتى قيمة قطعة أرض في موقع معقول ناهيك عن تكاليف البناءإلا أن هناك بعض الجهات لم تتطور بشكل ملحوظ وان تطورت فهي تطور القشور وتنسى الأصل والأساس أما البعض الآخر فلم يتطور أبدا لا قشرا ولا أصلا بل انه ازداد تراجعا وتخلفا عن ركب المتطورين , مثال هذين الصنفين أولهما صندوق التنمية العقاري المعني بإقراض المواطنين لتملك المنازل هذا الحلم الذي كان ولا زال يراود الكثيرين بل إن أكثر المواطنين لو سألته عن حلمه لقال تأمين المستقبل ومنزل الأحلام وليس المقصود هنا قصر يحيط به عدة شوارع وبوابات ضخمة بل منزل يملكه يكفيه عن نار الإيجارات المتصاعدة , فصندوق التنمية بدأ يغير بعض الإجراءات الشكلية مثل عدم اشتراط تملك الأرض حين استحقاق القرض , أو لمن تزوج أو بلغ 25 وغيرها كل ذلك لا يمس مصلحة المواطن المباشرة , لم يفكر الصندوق في تطوير المبلغ المخصص للقرض والذي لم يتغير من عشرات السنين والبالغ 300 ألف ريال والتي في وقتنا الراهن لا تساوي حتى قيمة قطعة أرض في موقع معقول ناهيك عن تكاليف البناء التي تزداد هي وموادها يوما بعد يوم حتى تضاعفت لمرتين وثلاث خلال السنوات القليلة الماضية , ولسان حال الصندوق يقول دبر عمرك بالباقي , أي أن هذا القرض لا يكفي لإتمام كامل المنزل ولا حتى نصفه فهو قرض يورط المواطن بالسداد دون فائدة يجنيها فيجب أن يذهب لمصدر آخر حتى يؤمن بناء المنزل «الحلم».لماذا لم يفكر الصندوق في تطوير إجراءات أهم كملاحقة من لا يسددون قروضهم منذ سنوات؟ لماذا لم يفكر في تقليص مدة الانتظار الطويلة جدا والاهم لماذا وكل هذه الإجراءات ستساعد بشكل كبير لو تمت في زيادة قيمة القرض وتأمينه للمواطن. أما الحالة الثانية فهي مكتب مكافحة التسول وقد كتبت مقالا قبل عامين عن هذا المكتب وأطلقت عليه اسم مكتب «مكافأة التسول» فهو بأنظمته التي لم تتطور أبدا لا يكافح التسول بل يكافئه , فأعداد المتسولين زادت بشكل رهيب وكذلك طرقهم بل إن تنظيمهم للتسول أصبح أكبر وأكثر عند الإشارات المرورية والأسواق والمساجد ولم أشاهد أو ألاحظ ولو لمرة واحدة أي تصرف ضد هؤلاء فهم يسرحون ويمرحون في وضح النهار وفي أكبر الشوارع الرئيسية وفي عز الأوقات المزدحمة رجالا ونساء وأطفالا. مثل هذه الجهات لا تحتاج إلى مجرد تغيير أنظمة أو نوع من التطوير بل تحتاج إلى طوفان من التغيير يبدأ من الجذور والمستفيد بكل تأكيد الوطن والمواطن. بإذن الله ألقاكم الجمعة المقبلة, في أمان الله . [email protected]