يعتقد بعض المتعاملين بأسواق المال وتحديدًا بسوق الأسهم السعودية أن السوق لا يسير وفق قواعد أي نوع من التحليل سواء أكان ماليًا أم أساسيًا، أم فنيًّا، ولديهم قناعاتهم بأن السوق يسير وفق أهواء ومزاجيات صناع القرار وكبار محركي السوق وهم مجموعة تتحكّم بالسوق صعودًا وهبوطًا حسب مزاجها وتبعًا لحالتها النفسية فقد ترفع أسعار أسهم خاسرة وتخسف بأسعار أسهم جيدة وتبقي بعضًا منها في مناطق الوسط.. أقول بجملة بسيطة ألا يحمل هذا الكلام نوع من المبالغة غير المنطقية؟ أيعقل أن سوقًا تصل تداولات الأسبوعية إلى 25 مليار ريال يتم التحكّم به بهذا الأسلوب؟ أليس من يتمّ وصفهم بأنهم تلك المجموعة المتحكمة تحتكم للعقل وتعتمد على المحللين بشتى أنواعهم لاتخاذ قراراتهم والدليل على ذلك سلوك الأسعار وارتدادها من مستويات الدعوم والمقاومات الرئيسية، وتنعكس لأعلى عندما تصل إلى أسعار تكون قريبة من القيم الحقيقية؟ أليس من حق هؤلاء العمل على مصلحتهم كما هو حق الجميع ممن يتعاملون في السوق؟ أليس هؤلاء المتحكّمون موجودين في جميع أسواق العالم؟ أليس من المفترض أن نتعلّم جيدًا كيف نراقب سلوكياتهم من خلال تصرّفاتهم التي يرصدها الرسم البياني لأسعار الأسهم والمؤشرات ونتوقّع بناء عليها تحرّكهم القادم وندخل بذات الموجة وعندما تشارف على الانتهاء وتبدأ ملامح انعكاس الموجة نخرج منها ولا نطمع بالمزيد تحت أي ظرف كان؟ إن وجود هؤلاء في الأسواق هو أمر واقع يجب التعامل معه باحترافية رغم أن بعضهم لا يتعامل بشكل أخلاقي ويلجأ إلى «التحايل القانوني» إن صحّ التعبير في بعض الحالات وهذا مأخذ عليهم بلا أدنى شك إلا أن جزءًا من الخطأ أيضًا يقع على المتعاملين البسطاء الذين يدخلون المعترك دون وقايةٍ علمية وخبرة بسيطة بقوانين وقواعد الاستثمار الناجح ويريدون الخروج سالمين غانمين.. فلنكن منطقيين. المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية منذ افتتاح الشمعة الأسبوعية الماضية عند مستويات 6941 نقطة بدأ المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية بالتراجع، حيث خسر في جميع جلساته الخمس الماضية وكانت خسارته في الجلسة الأولى قرابة الثلاثة والعشرين نقطة، وفي الثانية ثلاث وأربعون نقطة والثالثة أربع وخمسون نقطة، أما الرابعة فقد كانت نقطة واحدة واختتمها المؤشر بالجلسة الأخيرة بتراجع بلغ إحدى عشرة نقطة ليكون بذلك قد أنهى تعاملات الأسبوع الماضي بتراجع إجمالي بلغ مائة وخمسًا وعشرين نقطة وهو ما نسبته 1.8% من قيمة الافتتاح المذكورة أعلاه واللافت هنا أن أعلى قيمة للشمعة الأسبوعية الماضية كانت قيمة الافتتاح ذاته أي أن المؤشر لم يستطع أن يصعد نقطة واحدة وهو ما يعكس اندفاع المتعاملين للبيع منذ انطلاق تداولات الأسبوع والذي أنهاه المتعاملون بتداولات بلغ إجمالي قيمتها 24.9 مليار ريال بانخفاض عن تداولات الأسبوع الذي سبقه ب 1.9 مليار وهو ما نسبته 7.1% من قيمة تداولات الأسبوع الأسبق، ويبقى المتعاملون في حيرة كبيرة من أمرهم خصوصًا وأن القيم الحالية تقع بمناطق المنتصف حيث إن الدعم الرئيسي الأول حاليًا يقع عند مستويات 6543 نقطة والمتمثل بقاع التسعة الأشهر الماضية والتي إن كسرها فسوف يفتح أمامه باب الهبوط إلى مستويات الدعم الرئيسي الثاني عند مناطق 5931 نقطة والمتمثلة بحاجز 23.6% فيبوناتشي من الموجة الأخيرة الهابطة على الإطار الزمني الشهري والتي تعتبر من أقوى الحواجز أمام أي موجة هبوط للمؤشر، أما بالنسبة للمقاومات فتأتي الأولى عند مستويات 7084 نقطة والمتمثلة بحاجز 38.2% فيبوناتشي من ذات الموجة المذكورة أعلاه وتليها سريعًا مستويات 7157 نقطة المتمثلة بسقف المسار الجانبي الذي يسير به المؤشر منذ ستة أشهر والتي إن اخترقها فسوف يصعد مستهدفًا مستويات المقاومة التالية له عند مستويات 7944 نقطة والمتمثلة بأعلى مستوى وصل له المؤشر خلال السنوات الأربع الماضية والتي إن اخترقها المؤشر فسوف ينطلق إلى مستويات المقاومة التالية عند 8947 نقطة والواقعة على حاجز 61.8% فيبوناتشي من ذات الموجة المذكورة أيضًا.. إن مستويات الثماني آلاف نقطة تعتبر من أشرس المقاومات أمام صعود المؤشر ويجب أن نكون متأهّبين جيدًا فيما لو وصلها المؤشر، حيث من الممكن أن يتعرّض عندها إلى عملية جني أرباح تدفعه للتراجع قليلًا ولكن لا أعتقد أن تكبح صعوده كثيرًا، حيث إن الوصول إلى تلك المستويات يعتبر إنجازًا جيدًا ومدفوعًا بالكثير من عمليات الشراء عند المستويات الحالية ولا أعتقد أن يقوم صانع السوق ببيع ما اشتراه على بعد ألف نقطة فقط، ولكن ما أودّ التأكيد عليه أنه يجب على المتعامل أن ينتبه أكثر إلى حركة السهم المراد الشراء به، حيث من الممكن أن يصعد المؤشر ألف نقطة من المستويات الحالية أي قرابة ال 14% ولكن قد يكون السهم قد ارتفع بأكثر من مائة في المائة، وأصبحت أسعاره مرتفعة جدًا عن قيمته الحقيقية، وهنا تكون نسبة المخاطرة مرتفعة، حيث من الممكن أن يصعد أكثر ولكن من الممكن أن يهبط بشكل سريع ومخيف أيضًا والنسبة في أفضل أحوالها 50/50 ولا أعتقد أن هذه النسبة تتفق مع قواعد الاستثمار الصحيح في أسواق المال. قطاع الصناعات البتروكيماوية انخفض مؤشر قطاع الصناعات البتروكيماوية خلال تداولات الأسبوع الماضي ما قيمته 133 نقطة وهو ما نسبته 2.2% من قيمة افتتاح الشمعة الأسبوعية الماضية والذي جاء عند مستويات 5917 نقطة والتي كانت بداية هبوطه الذي استمر لخمس جلسات متتالية لم يستطع أن يحقق إغلاقًا إيجابيًا واحد خلالها وما زاد من قلق المتعاملين ارتفاع قيم تداولات القطاع إلى 3.5 مليار ريال عما كانت عليه في الأسبوع الذي سبقه عند مستويات 2.8 مليار، حيث بلغت قيمة الزيادة 673 مليون ريال وهو ما نسبته 23.5% من قيم تداولات الأسبوع الأسبق، ومع ارتفاع هذه القيم وانخفاض مؤشر القطاع بهذه النسبة وإغلاقه عند مستويات 5783 نقطة يستنتج كثير من المتعاملين أن الأسبوع القادم قد يكون سلبيًا أيضًا ويستهدف مستويات الدعم الرئيسي الأول له عند مناطق 5618 نقطة المتمثل بحاجز 38.2% فيبوناتشي من الموجة الأخيرة الصاعدة على الإطار الزمني الأسبوعي والذي يأتي بذات المستويات مع نقطة تلاقي المؤشر مع الضلع السفلي للقناة الصاعدة التي يسير بها منذ سنتين ونصف السنة والتي تعتبر نقطة دعم قوية كسرها يفتح الباب على مصراعيه للهبوط إلى مستويات يأتي أولها مناطق الدعم الثاني حاليًا عند 5035 نقطة والمتمثلة بحاجز 50% فيبوناتشي من ذات الموجة المذكورة أعلاه، وعليه يجب الانتباه جيدًا من هذا الكسر، حيث من المحتمل أن ينتج عنه انزلاق سعري يدفع ببعض الأسهم للهبوط مدفوعة بعدة عوامل ومنها النفسي، حيث إن الخوف كفيل بأن يدفع المتعاملين للبيع والهروب من الأسهم مما يزيد من الضغط على الأسعار فتهبط أكثر ولكن قد يكون ذلك فرصة لمن أراد الاستثمار على المدى المتوسط الأجل، حيث من الممكن أن تهبط بعض الأسهم إلى مستويات قيمها الحقيقية وربما دون ذلك وتكون فرصة جيدة لاقتناص هذه الأسهم من مستويات آمنة. قطاع التأمين فشل مؤشر قطاع التأمين من الصعود واختراق مستويات 1550 والتي يقبع عندها منذ شهرين تقريبًا وأخضعها لمحاولات كثيرة لاختراقها إلا أن الفشل كان حليفه دائمًا وكان آخر محاولاته خلال تداولات الأسبوع الماضي، حيث ارتفع في اليوم الأول وكسب 26 نقطة ومن ثم صعد في اليوم الثاني ووصل إلى أعلى مستوى له في الأسبوع الماضي عند مناطق 1547 نقطة والتي تعرّض عندها لموجة بيع كثيفة أرغمته على الهبوط والتراجع ليغلق على تراجع بلغ 30 نقطة، ومن ثم استمر في هبوطه وإغلاقاته السلبية إلى أن أنهى تعاملاته عند مستويات 1441 نقطة، وبذلك يكون قد خسر في شمعته الأسبوعية الماضية ما قيمته 69 نقطة وهو ما نسبته 4.6% من قيمة افتتاح الشمعة الأسبوعية عند مستويات 1510 نقاط، وتأتي هذه التراجعات نتيجة لتداولات بلغت قيمتها 11.6 مليار ريال بانخفاض بسيط عن تداولات الأسبوع الذي سبقه بواقع 268 مليون ريال وهو ما نسبته 2.25% فقط وهي نسبة لا تذكر في التراجعات خصوصًا عندما نشير إلى أن قيم تداولات الأسبوع الحالي بلغت نسبتها 46.7% من إجمالي تداولات السوق أي أن تداولات القطاع كادت تصل لنصف تداولات السوق وهذا أمر لافت جدًا تجدر الإشارة إليه خصوصًا أن الشركات المدرجة داخل القطاع ليست بتلك الشركات الاستثمارية ذات التاريخ العريق والنتائج المبهرة والأرباح المستمرة والأسعار القريبة من القيمة الحقيقية والمنطقية وهو ما يؤكد أن صفة المضاربة الشرسة أصبحت ملتصقة بشكل واضح بهذا القطاع وهو ما يجب على مَن يتعامل بشركاته أن يتحمّل لسعاته بذات الدرجة التي يسعد بمكافأته.