دعونا نعترف في البداية، أن المشاريع الحكومية المتعثرة، تمثل صداعاً في رأس كل مسئول ومواطن، يبدو أنه لا حبوب مسكنة قادرة على انهاء هذه العثرات التي تتكرر بشكل واضح، رغم ما تبذله حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، يحفظهما الله، لإنهاء هذه المشكلة. ولعلي في هذا المقام، أقدر كثيراً الدعوة التي أطلقها معالي وزير النقل الدكتور جبارة بن عيد الصريصري لدى افتتاحه ندوة « إدارة المشاريع الحكومية في المملكة « التي نظمها معهد الإدارة العامة بقاعة ابن خلدون بمركز الأمير سلمان للمؤتمرات بالمركز الرئيسي للمعهد بالرياض، ومفادها ضرورة دراسة أسباب تعثر المشاريع في المملكة والعمل على معالجتها من خلال الدراسة والبحث العلمي لمسبباتها.. بعيداً عن إطلاق الأقوال والتخمينات على عواهنها. أهمية دعوة الدكتور الصريصري، أنها تؤسس لمعرفة الأسباب الحقيقية للتعثر، عبر مختصين وباحثين مؤهلين، والوصول إلى مكمن الخلل، هل هو حسبما قال معالي الوزير، نتيجة «أسباب بيروقراطية أو بسبب الأنظمة الإدارية والمالية أو لوجود النقص في الكوادر الإدارية والفنية المؤهلة أم هل هي الفجوة الموجودة بين مستوى التنمية الحالية التي تتطلب السرعة والمرونة والديناميكية في اتخاذ القرار وبين الأنظمة التي وضعت في مراحل تنموية ماضية وليس من المهم اتباع أسلوب التقييم الفني لشركات المقاولات قبل ترسية المشروعات عليها وهل الاكتفاء بالتصنيف الحالي للمقاولين يعتبر كافيًا ويؤدي الغرض ويتناسب مع الوضع الراهن». الكلام منطقي وجميل جداً وإن كان متأخراً وهو أمر ربما ينتشلنا من دوامة التساؤلات الكثيرة في أذهان المواطنين، الذين يبحثون عن مبرر مقنع لهم، خاصة وأنهم يرون قيادتهم ترصد الميزانيات القياسية طيلة أكثر من ست سنوات متتالية، لإنجاز مشاريع البنية التحتية وبالتحديد في المجالات الخدمية من طرق ومدارس ومشاريع صحية وتعليمية وغيرها مما يشمل جوانب حياتهم ومعيشتهم.. ومع ذلك، فإنهم لا يزالون يسمعون نفس الجملة :»تعثر المشاريع» دون أعذار وتبريرات أعتقد أنها ستكون غير مقنعة مهما كانت. من المؤسف، بل والمخجل، أن نسمع في هذا البلد الخير عن مشروع طريق يتعثر بسبب مقاول، وكأن لا شركات مقاولات لدينا، ومن المعيب في حقنا كلنا كسعوديين، أن نصدق أن مشكلة نفق لا يتعدى طوله ال500 متر، تقع على عاتق أمانة أو بلدية أو مكتب للاستشارات الهندسية؟ لا يصح أبداً أن تظل نفس شكاوانا من شبكات الصرف كما هي طيلة سنوات، وماذا كنا سنفعل إذا أوقعتنا قرعة الجغرافيا في طقس ممطر طوال العام؟ المواطن دائماً ، لا يريد أن يسمع اسطوانة «المشاريع المتعثرة»، وربما كانت دعوة معالي وزير النقل، انطلاقة حقيقية لتحقيق هذه الرغبة في كافة قطاعات الدولة ، ولعل أقربها وزارة النقل. ** تذكر !! تذكر يا سيدي أن من وضع نفسه موضع التهمة فلا يلومن إلا نفسه.