يفتتح الحزب الشيوعي الصيني مؤتمره الحاسم الذي سوف يشهد تغيير زعمائه للمرة الاولى منذ عشر سنوات، فإن السؤال الأكبر الذي يواجهه هو ما إذا كان سيكون في مقدوره الاحتفاظ بالسلطة لعقد آخر من الزمان. فالمؤتمر يعقد وسط توقعات واسعة النطاق تثور بين صفوف الطبقة الوسطى المتنامية في البلاد مؤداها أن حكم الحزب المستمر منذ 1949 من المحتمل أن ينتهي في غضون العقد المقرر أن يتولى فيه شي جيانبينج دفة القيادة . لذا سوف يستغل الحزب المؤتمر ، الذي جرى تنسيقه بعناية فائقة ، في إقناع الشعب البالغ تعداده 1.3 مليار نسمة بأن في مقدوره تأمين عشر سنوات أخرى من النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي مع الحد من الفساد ومحاباة الأقارب في الوظائف. اصلاح الصورة ويتعين على الحزب إصلاح الضرر الذي لحق بصورته العامة جراء الفضيحة التي تورط فيها السياسي الصيني البارز المقال بو شيلاي وهو الذي سبق ترشيحه لشغل موقع قيادي بارز والتغلب على انعدام كبير في الثقة بالحزب والاعتقاد العام بأن جميع مسؤولي الحزب فاسدون. لكن مهمة الحزب اصبحت أكثر صعوبة بعد أن ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الأسرة الممتدة لرئيس الوزراء وين جياباو الذي كان ينظر إليه في وقت من الأوقات من جانب المتفائلين على أنه يمثل أفضل أمل للاصلاح السياسي بالصين ، تمكنت من جمع أصول بقيمة 2.7 مليار دولار. هذا الوضع دفع «هي ويفانج « أستاذ القانون بجامعة بكين إلى أن يقول لوكالة الانباء الالمانية :»الكثير من الناس فقدوا ثقتهم في الحزب». وأوضحت وسائل الاعلام الرسمية التحديات التي تواجه «شي» الذي سيحل محل «هو» كزعيم للحزب اعتبارا من منتصف الشهر الحالي. فقد ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة شينخوا في تعليق لها «تضييق الفوارق في الدخول والموازنة بين الكفاءة والعدالة في جني ثمار التنمية سيكون مهمة كبرى». إذ من المتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي بنحو 7.5 في المائة هذا العام من 9.2 في المائة العام الماضي. وتحاول الحكومة الآن حفز الطلب المحلي والابتعاد بالصناعات التحويلية عن الاعتماد على الصادرات ، لكن خبراء الاقتصاد يعتريهم القلق جراء الايقاع البطيء والاتجاه الغامض للاجراءات الاقتصادية الاخيرة. وقالت صحيفة «كايشين» الرصينة المعنية بشؤون المال إن الصين وصلت إلى «منعطف اجتماعي واقتصادي مهم». واقترحت الصحيفة 18 اصلاحا تشمل كسر الاحتكارات من جانب شركات الدولة في الصناعات الرئيسية والسماح للشركات بإعداد قائمة الاسهم دون الحاجة إلى موافقة الحكومة والحد من الاستثمارات التي تقوم بها الحكومات المحلية والنهوض باستقلال القضاء. وقال المعلق السياسي تشانج ليفان الذي يتخذ من بكين مقرا له ل (د.ب.أ): «أظن أن هذا أكثر مؤتمر للحزب اتساما بالتوتر منذ 1989». فقد ساد الانقسام بين زعماء الحزب في 1989 بشأن كيفية مواجهة الاحتجاجات واسعة النطاق المطالبة بالديمقراطية والتي جرى سحقها في نهاية المطاف عندما أرسل الحزب قوات الجيش لتطهير الميدان السماوي ببكين من المتظاهرين. ولا تزال الشكوك تثور حول أي من العديد من الزعماء الصاعدين ممن تربطهم علاقات بشاي وهو وجيانج سيفوز بمقعد باللجنة الدائمة. ومن المتوقع أن يجدد هو دعوته إلى الاصلاح السياسي في خطابه المهم بالمؤتمر ومن المرجح أن يكرر شاي وربما يمدد تلك الدعوة فور أن يخلف هو. غير أن هو وشاي سيعملان على تشجيع السياسات الاخيرة للحزب المتمثلة في الانفتاح في الحكم وتحسين حكم القانون وتوسيع رقعة الديمقراطية داخل الحزب» والانتخابات المباشرة لزعماء القرى والبلدات. وقلة هم من يتوقعون قيامهما بالدعوة إلى الانتقال بالصين إلى الديمقراطية متعددة الاحزاب أو الانتخاب الحر لزعماء الحزب. وهما سيؤكدان على «الاشتراكية القائمة على الحزب الواحد مع اتسامها بخصوصية صينية». وقال تشانج جيان وهو خبير بالشؤون الحكومية بجامعة بكين «نحن لا نرى ثمة فائدة ستعود على عامة الناس من الاصلاح السياسي». أما وو تشيانج أستاذ العلوم السياسية بجامعة تسينجهوا في بكين فيقول إن في ظل قيادة هو اتسم العقد الاخير «بنزعة محافظة سياسيا أو حتى بالانحطاط». وقال وو ل (د.ب.أ) «المجتمع يتجه الآن نحو مأزق وتعتمل الآن حالة من الاضطراب الضخم».