على الرغم من الدور البارز الذي قام به المقاولون في تنفيذ المشاريع التنموية المختلفة العامة والخاصة الا ان السنوات الاخيرة كشفت عن ثغراتٍ كارثية في تنفيذ اغلب المشاريع وتعثر الكثير من المشاريع العائدة بالدرجة الأولى للقطاع العام مما أدى الى التوسّع في الاستعانة بمقاولين من الخارج، وفي حين يرى البعض أن المشكلة لم تكن في يوم ما في أداء المقاولين بل في الجهات التي يتعامل معها هؤلاء وكذلك في عدم وجود جهات تمويل مناسبة تستطيع إقراض المقاولين عند الحاجة الى الاقراض، لافتين الى أن من اهم المشكلات التي تواجه المقاول الوطني وتعرّضه للخسائر الفادحة، تتمثل في عدم التزام بعض الجهات الحكومية او الخاصة بدفع ما عليها من مستحقات للمقاولين عقب انتهاء كل مرحلة، حيث ذكر ل (اليوم) عدد من المقاولين أنهم قاموا بإنشاء مشاريع كاملة لجهات حكومية ولم يحصلوا على ريال واحد وهم ينتظرون استلام كامل المبالغ، يؤكد العطيشان على ضرورة وجود جهة أو عدة جهات فاعلة لحل مشكلات التعثر في مختلف المشاريع الحكومية تعمل على الكشف على أسباب التعثر الحقيقية وتعمل على حلّ المشاريع واكمالها وإطلاقها في أقرب وقت ممكن، مشيرًا الى ان الأنظمة من حيث النصوص ربما تكون منصفة للطرفين لكن المشكلة تكمن في التطبيق. وكان الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنين قد كشف عن سحب (451) مشروعًا متعثرًا خلال الثلاث السنوات الماضية من مقاولين موضحًا أنه قد ثبت لوزارة التربية والتعليم ضعف إمكاناتهم وتقصيرهم في الالتزام بواجباتهم التعاقدية، والتي حصلوا عليها من خلال المنافسة العامة مشيرًا الى معالجة أوضاع 218 مشروعًا وسيتم استلامها من المقاولين الجُدد خلال الفترة الزمنية المحددة لكل مشروع، فيما يتم حاليًا معالجة أوضاع 233 مشروعًا تعليميًا من خلال إعادة الطرح، وأضاف إن الوزارة أصدرت في العام الحالي 805 إنذارات وجّهت إلى (397) مقاولًا متأخرًا في الإنجاز بحسب المراحل التي تمّ اعتمادها للمباني المدرسية التي أسند تنفيذها لهم، مؤكدًا معاليه ضرورة الالتزام بتسليم المشاريع في مواعيدها المحددة، جاء ذلك خلال لقائه بمنسوبي إدارتي التربية والتعليم في محافظتي القنفذة والليث أثناء زيارته التفقدية، وأشار آل الشيخ الى أن وزارة التربية والتعليم قد أسندت لأجهزة المتابعة الميدانية كافة الصلاحيات لإجراءات سحب المشاريع المتعثرة سواء الإنشاء أو الصيانة والملاحقة القانونية والنظامية في حال عدم جدية المقاولين في إنجاز المشروعات المسندة إليهم. من جانبهم اتهم عدد من المقاولين وزارة التربية والتعليم بالمماطلة في إعطائهم الدفعات المستحقة عقب كل مرحلة ينتهون فيها من المشروع وهو المتفق عليه وهو ما يعرّض الكثير منهم الى الضائقة المالية والتعثر ، مشيرين الى أن الوزارة تدفع مبالغ كبيرة سنويًا كإيجار لمبانٍ قد لا يكون الكثير منها مناسبًا للدراسة بينما تساهم في تعثر مشاريعها بعدم إعطاء المقاولين الدفعات المستحقة وما ينطبق على وزارة التربية والتعليم ينطبق أيضًا على جهاتٍ اخرى، وأشار نائب رئيس غرفة الشرقية عبدالله حمد العمار الى أن الكثير من المشاريع الحكومية تستلزم عددًا كافيًا من العمالة المنفذة للمشاريع وهو ما يعانيه العديد من المقاولين مشيرًا إلى ان تأخر بعض المقاولين في عدد من المشاريع سبّب حرجًا كبيرًا للشركات المنفذة للمشاريع. ولم يخف العمار وجود بعض المقاولين غير المؤهّلين في تنفيذ بعض المشاريع الأمر الذي ينتج عنه تعثر بعض المشاريع الحكومية، إلا انه اكد من جانب آخر فإن بعض الجهات الحكومية لا تعتمد ولا تشترط المواصفات الأفضل في مشاريعها ولذلك فهي ترسي المشاريع بحسب السعر الأقل، وفي ذلك خطورة كبيرة ليس فقط على قبول المقاول بتنفيذ هذه المشاريع حيث يمكن ان يتعرّض للخسائر الباهظة، بل لتنفيذ مشاريع بمواصفات متدنية تؤثر على العمر الزمني للمشروع أو في عدم حصول الفائدة المرجوّة من إنشائه، ولذلك لابد من الالتزام بشروط وضوابط خاصة للمقاولين عند ترسية أي مشروع تفاديًا للتعثر في المشاريع الحكومية وكذلك الامر بالنسبة للالتزام بالمواصفات المحددة والمطلوبة لأي مشروع. مؤكدًا ان قطاع المقاولات قادر تمامًا على تنفيذ المشاريع بكل اقتدار، ومن جانبه يرى رجل الاعمال ورئيس مجموعة أنساب للمقاولات سعد بن صليب العتيبي أن الاتهامات التي تسوّقها بعض الجهات الحكومية للمقاولين بعيدة عن الحقيقة فالكثير من هذه الجهات لا تلتزم بدفع المستحقات في المواعيد المحدّدة كما أن ارتفاع الاسعار بشكل مفاجئ وعدم وجود جهات التمويل المناسبة التي يستطيع المقاول الاعتماد عليها عمّق من المشكلة التي يعاني منها الأخير ، واضاف العتيبي: بالنسبة لمقاولات البناء والانشاء فإن ارتفاع أسعار مواد البناء بنسبة 50% ومن ثم ارتفاع الحديد والاسمنت تسبب في إرباك الكثير من المقاولين ومن ثم أدى إلى تفاقم مشكلة تأخر انجاز المشاريع، مشيرًا إلى أن ذلك يمثل خطرًا على مسيرة التنمية في المملكة، كما أن أي ارتفاع في أسعار مواد البناء يؤثر بشكل مباشر على المخرجات النهائية، أما رجل الأعمال والمقاول عبدالرحمن العطيشان فيؤكد من جانبه أن تعثر المشاريع الحكومية خاصة ومنها مشاريع الطرق أمر مؤسف فعلًا لأن هذا التعثر مستمر منذ سنوات طويلة والمشاريع تتراكم لتحجز معها مبالغ تقدّر بعشرات المليارات، والمفروض أن أي مشروع يتم البدء فيه يمثل حاجة حقيقية للمواطنين، وإذا تعطل فإن مصالح المواطنين هي الاخرى تتعطل، بالإضافة الى الإرباكات التي يمكن أن تؤثر على حركة الناس عندما يكون المشروع المتعثر يتعلق بطريق مثلًا، حيث التحويلات المستمرة منذ سنوات والتي لا يبدو أنها ستنتهي، ويؤكد العطيشان على ضرورة وجود جهة أو عدة جهات فاعلة لحل مشكلات التعثر في مختلف المشاريع الحكومية تعمل على الكشف عن أسباب التعثر الحقيقية وتعمل على حل المشاريع وإكمالها وإطلاقها في أقرب وقتٍ ممكن، مشيرًا الى ان الأنظمة من حيث النصوص ربما تكون منصفة للطرفين لكن المشكلة تكمن في التطبيق، والواقع يقول ان الخلل الحاصل الآن ليس في النظام ولكن فيمن يسيء تطبيقه لخدمة مصالح خاصة لا تتفق مع ما يجب ان يكون عليه المسلم الحق. وشدّد على اهمية حسن اختيار من يكلف بمهام إبرام العقود وترسيتها مع إيجاد نظام رقابي صارم لمن تسوّل له نفسه العبث بالمال العام، وأكد رجل الأعمال عطا الله الميموني أن التأخر في تسليم المستحقات المالية من الوزارات رغم وجود عقد ينص على التدرّج في التسلم وفق الإنجاز للمشروع من أهم أسباب تعثر المشاريع لافتًا الى أن شركته قامت بإنجاز مشاريع بالكامل لإحدى الوزارات ولم تستلم منها ريالًا واحدًا، وقال الميموني: من شأن هذا الوضع تعقيد أمور المقاولين خاصة لأولئك الذين لا يستطيعون توفير السيولة اللازمة للعمل، ودعا الميموني وزراة التجارة والصناعة الى المراقبة الدائمة للسوق للتأكد من توافر المواد الخام للمشاريع في السوق بشكل كافٍ ومتابعة اسعارها بشكل يضمن سير المشاريع التنموية.