حينما تجلس إلى الدكتور « طارق الزمر » القيادي بالجماعة الإسلامية والعضو المشارك بفاعلية في حادث قتل السادات والمعروف بحادث المنصة الشهير ، تدرك جيداً حجم التغيرات الأيديولوجية والفكرية التي طرأت على فكر الجماعة الإسلامية بعد تجارب عنف عديدة خاضتها ضد الأنظمة السياسية الحاكمة في مصر، كما تدرك أن الفارق كبير بين مصر عام 1981 ومصر عام 2012 بعد ثورة يناير ووصول أول حاكم شرعي منتخب بإرادة مصرية .. وفي حديثك معه تكتشف أن العنف لم يكن أبداً وسيلة التغيير المثلى للأنظمة المستبدة ، وأن الثورات السلمية البيضاء أجدى وأنفع في استقطاب غد أفضل من حمل الطلقات والضغط على الزناد .. « اليوم » التقت الزمر في مقر حزب البناء والتنمية بالقاهرة ، وأجرت معه هذا الحوار: كيف ترى الأوضاع في مصر الآن ؟ نحن كجماعة إسلامية نرى أن مصر تغيرت تغيراً كبيراً بعد الثاني عشر من أغسطس الماضي والذي شهد الإطاحة بالمشير طنطاوي وإنهاء حكم العسكر وبدء عصر الحريات بامتياز بعد استبداد دام سنوات وسنوات ، وهذا أهم مطلب لثورة 25 يناير . هل تغيرت ملامح ومسارات الجماعة الإسلامية الآن عن ذي قبل ؟ بالتأكيد طبعاً تغيرت ، فهي كانت جماعة ذات طابع نضالي إلى حد كبير تهدف إلى هدم النظامين السابقين أيام السادات ومبارك وكلاهما نظام واحد ، أما اليوم فالجماعة أسست حزباً أسمته « البناء والتنمية « في إشارة إلى توجهها الجديد نحو بناء مصر وتنميتها في كل المجالات ، خاصة إعادة بناء النظام السياسي وفقاً لآمال وطموحات ثورة يناير ، بعيداً عن توجهات عنيفة سابقة كانت الجماعة مضطرة للخوض فيها بفعل استبداد وديكتاتورية الحاكم. * هل يعني هذا أن مرحلة انتهاج العنف مرّت إلى غير رجعة في تاريخ الجماعة ؟ بالتأكيد نعم ، نظراً لتغير الظروف والمناخ السياسي أولاً ، وثانياً لما أرسته ثورة 25 يناير من قواعد التعامل السلمي والثوري الشعبي الذي أثبت كفاءة تتفوق بكثير على فكرة العمل المسلح في التغيير . في رأيك يوجد اختلاف جوهري بين التغيير السلمي بالثورات وبين التغيير المسلح ؟ نعم هناك فرق جوهري ؛ فمن ينظر إلى تاريخ علم الاجتماع تحديداً يتأكد أن تغيير الشعوب والمجتمعات عن طريق الثورات الشعبية هو أفضل وسائل التغيير ، ناهيك عن أن وسائل التغيير العسكري أو عن طريق القوة المسلحة يمثل تغييراً للنخبة ، عكس التغيير الثوري الشعبي الذي ينقل المجتمع كله من واقع سياسي واجتماعي فاسد إلى واقع جديد يلبي طموحات الثورة وأهدافها . كجماعة إسلامية هل تأمنون الآن جانب التصرفات الفردية العنيفة لبعض المنتمين لكم ؟ في الماضي كانت الحركات العنيفة لجماعات منظمة قوية ، أما الآن فنتوقع أن تكون هناك بعض أحداث العنف الفردية ، لكن بالتأكيد لن تتبناها تنظيمات كبرى كما كان الأمر من قبل ، لأنه لم يبق لنا سوى الدعوة بالحسنى لبناء مجتمع قوي سياسياً واجتماعياً . لكنكم دفعتم ثمناً غالياً لبعض التصرفات العنيفة الصادرة من أفراد ؟ الحقيقة أننا ضحّينا جميعاً من أجل إسقاط الأنظمة الفاسدة ، ونحن نعتز بهذه التضحية ونرجو أن نحوز عليها الأجر في الآخرة إن شاء الله ، لأن السكوت على مثل تلك الأنظمة الفاسدة كان جريمة لا يجب الوقوع فيها ، بينما كانت المقاومة لها فضيلة ، والحقيقة أنه لو تم دعم تضحياتنا شعبياً لما استطاع مبارك أن يصمد في الحكم ثلاثين عاماً يستأسد خلالها على كل أطياف الشعب المصري . هل تغيرت وجهة نظرك الخاصة في شخص السادات بعد مرور سنوات عديدة على اغتياله ؟ لا ، وفي الحقيقة أنا أعتبر السادات ومبارك نظام واحد ، وأن المفاسد التي ارتكبها مبارك في الحكم هي نتاج تأسيس أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية أسسها السادات ؛ فإذا كان مبارك قد سلّم الشعب المصري لرجال الأعمال يتاجرون فيه وينهشون في لحمه ، فإن هذا لم يكن ليحدث لولا الانفتاح الاقتصادي الذي أوجده السادات ، وإذا كان مبارك قد أجرم في حق الشعب الفلسطيني وحاصر غزة وساهم في تدميرها ، فهذا ايضاً لم يكن ليحدث لولا كامب ديفيد التي وقّع عليها السادات ، وإذا كان مبارك قد وصل به تزويره للانتخابات إلى حد عدم فوز أحد سوى فرد واحد هو « محمد عبد العليم « في 2010 ، فإن السادات هو الذي أسس لمثل هذا في انتخابات 1979 عندما قام بحل المجلس لمجرد وجود ثلاثة عشر عضواً فيه يعارضون كامب ديفيد ، ولم يفز في الإعادة سوى « ممتاز نصار « بمساندة أهله الذين وقفوا بالأسلحة حول الصناديق ، بينما تم تزوير الانتخابات بالكامل لصالح الحزب الوطني . وإذا كان مبارك ديكتاتوراً فإن السادات كان أشد ديكتاتورية منه ، بدليل ذكرى اعتقال الحياة السياسية في مصر ، من ليبرالي لقبطي لناصري لماركسي لشيوعي ، وهو ما لم يجرؤ مبارك على فعله يوماً ما مع كافة القوى السياسية المصرية . هل يعني هذا أن وسيلة الاغتيال هي المثلى ؟ بالطبع لا ، لم أقل ذلك ، فالاغتيالات ليست حلاً مثالياً ، وكنت أتمنى أن تنجح الثورة الشعبية التي كنا نعد لإشعالها خلال العامين 1983 ، 1984 ولكن للأسف اضطررنا للتصفية الجسدية بفعل اكتشاف التنظيم عام 1981 وهو ما أدى لاندفاع مجموعة من التنظيم وليس كل التنظيم إلى تنفيذ حادث المنصة دون التمهل لنطلاق الثورة . ما دورك الأساسي في عملية اغتيال الرئيس السادات ؟ الاتهام الذي وجه لي في المحكمة هو « الاشتراك بالاتفاق والمساعدة « ؛ الاتفاق عن طريق التوقيع على قرار الاغتيال ، والمساعدة عن طريق إيصال الطلقات المستخدمة في العرض ؛ حيث كانت عندي وقمت بتوصيلها لمجموعة التنفيذ . من السادات إلى الدكتور محمد مرسي .. هل تغير تعاطي الجماعة الإسلامية مع الأمور ؟ تغير بالتأكيد ؛ فنحن اليوم نتعامل مع الدكتور محمد مرسي كرئيس شرعي لمصر ، نرى أن ندعمه ونسانده ولا نقف ضده إلا إذا حاد عن الأسس التي انتخبناه من أجلها .وهي الأسس المنطلقة من مبادئ ثورة يناير . ولكن ماذا عما يثار في الشارع المصري بخصوص علاقته بجماعة الإخوان المسلمين ؟ أنا أعرف الدكتور محمد مرسي شخصياً ، وأرى أنه شخصية ناضجة كاملة مستقلة ، وله تصور قائم وموجود قبل الرئاسة وأعرفه بشكل تفصيلي عن كيفية إدارة شئون المجتمع والدولة والعلاقات الخارجية ، وأراه الآن يطبق هذا سواء كان هناك اتصال أو عدم اتصال مع الإخوان ، لذا فهو يستقطب حب قطاعات عريضة من الشعب المصري يوماً بعد يوم . ما الذي تعرفه بشكل تفصيلي عن توجهاته الخارجية ؟ لقد استجوبناه بشكل تفصيلي عن توجهاته خلال لقاء بالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ، وقد سألته مثلاً عن أول زيارة يقوم بها خارج مصر بعد تولي المنصب ، فأجاب بدون تفكير قائلاً « السعودية « ، ولما سألته لماذا ؟ أجاب قائلاً : أولاً لكي أعتمر ، وثانياً لأن في تصوري أن العلاقة بين مصر والسعودية يمكن أن تدشن وضعاً عربياً وإسلامياً قوياً يدفع كثيراً من الأخطار عن هذه المنطقة . وبالفعل هذا ما حدث بعد أن تولى الرئاسة . على ذكر العلاقات المصرية السعودية كيف تنظر لدور المملكة في المنطقة ؟ العلاقات مع المملكة تسير من حسن إلى أحسن ، وبيننا ما يمكن تسميته بتحالف استراتيجي يمكن أن يعيد ترتيب الكثير من أوضاع المنطقة بما يحقق استقرار المنطقة ، وهذا الاستقرار يمثل أهم عناصر مواجهة التحديات الخارجية ، وأهم سبب من أسباب تقليص النفوذ الأمريكي أو تقليص الغطرسة الإسرائيلية . وكل هذا تلعب فيه المملكة دوراً كبيراً للغاية . أعود للدكتور مرسي مجدداً وأسألك عن صحة ما يتردد أن مقر الرئاسة بالمقطم وليس بالقصر الجمهوري ؟ أنا لا أرى ذلك ، ولو حدث فما العيب فيه ؟!! أليس الحرية والعدالة هم حزب الأغلبية ؟ أليس محمد مرسي منتخبا باعتباره ممثلاً للحرية والعدالة ؟ فكل ما يتردد نظريات تخالف حتى من يتكلمون بها ، وينسى العلمانيون والليبراليون أن هذا هو المعمول به في كل ديمقراطيات العالم ، وأذكر ان رئيس الوزراء الكندي استنكر على العلمانيين المصريين ، معرباً عن تعجبه من موقفهم في معارضة أن يقوم مرسي بتشكيل حكومة من حزبه الحاصل على الأغلبية . في رأيك ما سر التركيز على علاقة مرسي بالإخوان في هذه الآونة تحديداً ؟ هناك تكتيك علماني واضح لمهاجمة ومواجهة المشروع الإسلامي باعتباره مشروعا اخوانيا ، وأن المعركة هي بين الإخوان والشعب المصري وهذه ليست حقيقة وهم يواصلون في محاولة لإحراج الإخوان ، وللأسف الإخوان يستجيبون لهذه الضغوط ويخضعون لهذا الابتزاز ، والدليل تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان ، أغلبية المجلس يساريون وشيوعيون ، ومع ذلك يثار كذباً أقوال عن أخونة المجلس القومي لحقوق الإنسان ، فهي هجمة عنيفة من العلمانيين تعبر عن إفلاسهم الحقيقي والشديد في مصر . لكنك صرحت بإمكانية التحالف مع بعض القوى ومنهم الليبراليون والعلمانيون ؟ نعم ، لقد قصدت التحالف مع الوطنيين منهم ممن يحبون هذا البلد ويتمنون له ولأهله الخير والاستقرار من خلال عمل جاد مشترك . أما أغلبيتهم فيتحركون لإحراق الأخضر واليابس طالما بعدوا عن السلطة ، فهم اختاروا خيار شمشون وهذا أمر خطير جداً ، وهو ما يؤكد أن الفكرة العلمانية ليست مرتبطة بمصالح وطنية ولا بمصالح إنسانية ، بل بمصالح شخصية ذاتية ، وأنا أدعو الجميع لمراقبة ورصد تصريحاتهم خلال العام ونصف العام الماضيين وكيف أنها تجافي كل القيم العلمانية بما فيها الديمقراطية والليبرالية وتداول السلطة والدولة المدنية ؛ فهم كانوا يدعون صراحة لاستمرار حكم العسكر ، وكانوا يشجعون المجلس العسكري على حل مجلس الشعب ، فأية ديمقراطية هذه !! هم يرددون بأن الإسلاميين يفهمون العلمانية على أنها فصل الدين عن الدولة .. فما ردك ؟ العلمانية ليست فصل الدين عن الدولة ، ودعني أقول لك إن العلمانية تعني طرد الدين من كل أرجاء الدولة والمجتمع ، هذا هو التفسير الموضوعي للعلمانية ، فهي كما يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري هي متوالية تبدأ أولاً بحياد الدولة تجاه الدين إلى أن تصل إلى طرد الدين من كل أرجاء الدولة والمجتمع . هل ندمتم كجماعة على تحالفكم خلال الانتخابات الماضية مع الإخوان ؟ لا ، لكننا أردنا أن نثبت للإخوان أن قدراتنا في الشارع المصري أقوى مما يتخيلون رغم أننا خارجون من محنة مطاردة امتدت لأكثر من عشرين عاماً تفككت فيها أوصال التنظيم وقتل فيها الكثير وهدمت البيوت وتم اعتقال عشرات ومئات الشباب عندنا . فقد أراد الإخوان إعطاءنا مقعدين فقط في حالة تحالفنا معهم وقالوا إن إمكانياتنا لا تستحق أكثر من مقعدين ، فرفضنا وحققنا بعيداً عن التحالف 18 مقعداً ، في الانتخابات القادمة نحن ننافس على مائة مقعد وربما أكثر . هل تتوقع استبداد الإخوان بالحكم مستقبلاً ؟ لا ، فالإخوان ظلموا كثيراً ويعلمون عاقبة الظلم وأثره في الناس ، كما أن ثورة يناير زرعت حيوية في الشعب المصري يستحيل معها استبداد أية جهة سياسية مهما علت سلطاتها ، خاصة بعد قدرة هذا الشعب على إزاحة أعتى قوة أمنية وبوليسية في المنطقة بل ربما في العالم كله ، وهو نظام مبارك الذي تداعى خلال ثمانية عشر يوماً . كيف تنظرون لقضية حل جماعة الإخوان وتفكيكها ؟ في ظل وجود أول رئيس شرعي منتخب في مصر ، أتصور أن وضع الجماعات الإسلامية في مصر يجب أن يدخل في الإطار القانوني للدولة ، فنحن كنّا خارج الشرعية رغماً عنّا من قبل فلم يكن يسمح لنا بتقنين أوضاعنا ، أما الآن فالوضع مختلف بصراحة شديدة هل تلمح نوعاً ما من الاستبداد داخل إطار جماعة الإخوان تجاه أعضائها وخاصة الشباب منهم ؟ طبيعة العمل التنظيمي للإخوان على مدى طويل أوجد هيكلاً قائماً على السمع والطاعة ، والحقيقة لو لم تكن هذه القاعدة قائمة لتلاشى هذا التنظيم وتفكك ولما استطاع أن ينظم ويحشد مئات الآلاف في الشوارع خلال ثورة يناير ، والآن يجب أن تكون الدولة فوق التنظيم وفوق الجماعة . هل تتوقع صراعاً قادماً بين التيارت الإسلامية على الحكم في مصر على غرار التجربة في أفغانستان بعد حرب السوفييت ؟ قياس الوضع في مصر على التجربة في أفغانستان خاطئ وفي غير محله ؛ لأن الأوضاع داخل أفغانستان تختلف كليا عن مصر ، فأفغانستان وضعها قبلي عشائري إلى حد كبير ، وهم يميلون إلى استخدام العنف فيما بينهم على طول تاريخهم ، وحتى قبل وصول الإسلاميين للحكم هناك ، أما مصر فطوال تاريخها دولة ذات نسيج واحد ومجتمع هادئ مستقر يتحول ويتدرج بشكل بطيء لا يعرف العنف ، ومن ثم فلا مجال لصراع بين التيارات الإسلامية في مصر . ماذا إذن عن مدنية الدولة في مصر ؟ أول تأسيس لمدنية الدولة تم يوم 15 أغسطس بتنحية المشير وعنان ، وفكرة الدولة الدينية هذه مرفوضة من قبل الجماعة الإسلامية قبل أن تكون مرفوضة من قوى غير إسلامية ، وما لا يعرفه كثيرون أن الغرب كانت تحكمه دولة دينية ، ولم يفهم معنى الدولة المدنية إلا عندما وجدها في الشرق الإسلامي ، فثار على الدولة الدينية وتعلّم الاحتجاج على كل مظاهرها ، ومن يرغب فليراجع المنهج البروتوستانتي وكيف أنه تأسس على قواعد مستقاة من الفكر الإسلامي وأنه لا حصانة ولا عصمة ولا قدسية لأحد وأن الكل بشر يجب أن يساءل وأن يحاكم وأن يعزل ، هذا كان موجوداً في الشرق بينما كان الحكام لدى الغرب من جنس الآلهة أو أبناء الآلهة أو الآلهة . لكن ماذا عن حالة الخلط بين العقيدة والنظام السياسي ؟ النظام السياسي الإسلامي يستوعب كل العقائد ، والدولة الإسلامية هي أول دولة في تاريخ العالم اعترفت بحقوق غير المتدينين بدينها ، واعتبرت أن العدوان على حقوقهم هو عدوان على الدولة كلها والمجتمع كله ، وهذا كان في دولة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ، والتي كفلت وجود اليهود في داخلها وكفلت حقوقهم ، في الوقت الذي كانت كل دول العالم تلتزم بتطابق عقيدة الفرد مع عقيدة الدولة ، ومن ثم فلم يكن متاحاً ان يتواجد مسيحي في دولة يهودية ، ولا يهودي في دولة مسيحية . بينما تواجدت الديانتان داخل إطار الدولة الإسلامية وعاشتا بسلام . الشارع المصري متخوف من وصاية الإسلاميين عليه وكذلك المثقفون .. فما ردك ؟ هناك من يهدف إلى إثارة المخاوف لدى الشارع المصري تجاه التيارات الإسلامية ، ومن هؤلاء مثلاً من أطلق فكرة إنشاء « جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر « وهي فكرة ليست واردة . كيف تقيّم محاولات اغتيال بعض المثقفين المصريين كنجيب محفوظ مثلاً على أيدي أفراد من الجماعات الدينية ؟ ربما كانت هذه المحاولات من أخطاء المرحلة السابقة ، لأن الفكر في الحقيقة يجب أن يواجه بالفكر ، بل إننا كتيار إسلامي حينما خضنا مرحلة مواجهات فكرية بعيداً عن العنف اكتشفنا أننا كنا أقوى منطقاً وحجّة وأنه لا توجد حجة تقاوم حجة الإسلام من الحجج البشرية والوضعية . والحقيقة يجب أن تتاح للإسلاميين حقوق توجيه النقد كما تتاح لغيرهم . ما رأيك في أوضاع الفن في مصر والعالم العربي ؟ الحقيقة تردت هذه الأوضاع في مصر والعالم العربي تردياً سحيقاً في العقود الأخيرة ، وهو ترد كان مرتبطاً بتردي أنظمة الحكم التي كانت تستخدم الابتذال الفني في إلهاء شعوبها وسرقتهم ، ومن ثم يجب أن نكون جادين فنياً لبناء مجتمعات ناضجة تحل الحلال وتحرم الحرام ولا تقضي معظم أوقاتها في اللهو واللعب بينما هناك أمور أولى بالاهتمام منها تزايد عدد الفقراء ففي مصر 45% يعيشون تحت خط الفقر ولدينا ثلاثة ملايين طفل مشرد في الشوارع ، هناك ما هو أولى بالاهتمام من فنون التسلية التي لها أهميتها أيضاً لكن ليس بالشكل الحالي . لكن البعض يؤكدون أن تلك الفنون تدر على مصر دخلاً قومياً يساهم في رخائها وتنميتها ؟ لم نشهد لهذه القطاعات الفنية أثراً ملموساً على الاقتصاد المصري ، وإلا لكنا أصبحنا من أغنى دول العالم بعد كل هذا الرقص وهذا الفن واللعب ليلاً ونهاراً . كيف ترى وضع النائب العام المصري حالياً ؟ النائب العام الحالي يجب أن يذهب مع من ذهب من النظام السابق ، وقد قام الحزب منذ أكثر من أسبوعين بتنظيم مسيرة أمام مكتبه كان شعارها « الشعب يريد إسقاط النائب العام « وهو مطلب نراه جوهرياً لأن أحد الأسباب الأساسية لنجاح ثورة يناير هو عدم استعمال أدوات قانونية استعملها النظام السابق لكي نصلح ما أفسده ذات النظام هل تتوقع أن يتحقق هذا المطلب قريباً ؟ طبعاً لا توجد وسيلة لإقالته ، لذا فنحن نطالبه بالاستقالة ، فهو قانوناً لا يقال ، وكذلك نحن نطالب شيخ الأزهر أيضاً بتقديم استقالته باعتباره من أركان أمانة السياسات في نظام جمال مبارك . البعض يروج لفكرة إعادة انتخابات الرئاسة بعد إطلاق بنود الدستور المصري الجديد .. فما رأيك ؟ هذه كانت فكرة السيدة « تهاني الجبالي « التي كانت ترغب في إدراج مثل هذا الأمر كمادة داخل الدستور طبعاً بمساعدة المجلس العسكري ، أما الآن وقد ذهب المجلس العسكري فلا أتوقع أن توجد مثل هذه المادة بالتأكيد . لماذا طلبتم التحقيق في مقتل عمر سليمان ؟ لأن مقتله لا يزال محل شك بين المصريين وغيرهم ، ولأننا لا نستبعد ما قيل من أنه قتل في سوريا ، ونحن كتنظيم له تاريخ طويل في مقاومة الأنظمة المخابراتية والديكتاتورية ، نعلم أنه لا يمكن أن تستغني سوريا عن عمر سليمان في مقاومة الثورة الشعبية هناك . ماذا عن فكرة مشاركة مبارك في قتل السادات ؟ هي فكرة تسير السخرية لا أكثر ولا أقل ما فكرتم عن إسرائيل حالياً ؟ حالياً وسابقاً ، إسرائيل عدوانية متغطرسة لا يمكن أن تحترمنا كعرب أو كمسلمين مالم تجد منا قدرة حقيقية على مقاومة هذا العدوان وهذه الغطرسة . في الختام هل انتهت الدولة البوليسية في مصر إلى الأبد ؟ أعتقد أننا أسسنا لنظام سياسي جديد لن ترفع فيه العصا بعد اليوم لقهر الشعب المصري .