لم يكن المشجع الهلالي الذي تكبد عناء الحضور في تلك الليلة المشئومة يتخيل أن هذا الزعيم والعملاق الكبير في عالم المستديرة على المستوى الأسيوي، سيخرج بتلك الصورة الضعيفة.. تلك لصورة التي لا تليق بأي حال من الأحوال بتاريخ فريق ك»الهلال». قبل أن «نُبرْوِز» هذا الزعيم، ونكيل له من المديح ما يطرب له بعض منافسيه، وكيلا يخرج من نفق الأسيوية المستعصية، يجب أن نبحث عن سر ابتعاده عن بطولة آسيا، وهو سيد البطولات وزعيمها كما يراه عشاقه. ثمة شيءٌ غريب يحدث للهلال كلما همّ وخطط من أجل تحقيق حلمه في بطولة آسيا.. ذلك الذي يجعله يصطدم بواقع لن يجد قبولا من جماهير الكرة السعودية عامة و»الهلالية» خاصة. فالهلال صاحب الميزانيات الضخمة في الصرف، ومنبع النجوم، وقائد الفكر التطويري للأندية السعودية.. الهلال هذا نفسه يعجز عن تقديم نفسه بالصورة المناسبة؛ التي تعيد لأذهان الجماهير تلك السنوات الجميلة التي تربع فيها على عرش آسيا. بقليل من التفصيل، والبحث عن سر ضياع الهوية الهلالية في بطولة آسيا بشكلها الجديد، نجد الهلال من ناحية العناصر الفنية لديه أفضل النجوم، وفريق مدجج بالمواهب، وعنصر أجنبيّ جيد، ربما يكون أقل فنيًّا من العناصر السابقة، غير أنه يؤدي دوره بشكل مقبول.. فأين الخلل إذن؟! من وجهة نظري، لم يتم التعامل مع بطولة آسيا بالشكل المطلوب؛ فالفريق تحت ضغط كبير من قبل الإعلام والجماهير، دون النظر إلى التحليل الفني الدقيق للمنافسين في القارة. فلم تعد كرة القدم في آسيا كسابق عهدها.. تغيرت الحال، وتغيرت القارة بأسرها على الصعيد الرياضي، وخصوصا كرة القدم. ففي الصين، وكذا كوريا واليابان، أصبح بمقدور الأندية أن تجلب أكبر الخبراء، وأفضل اللاعبين، بمئات الملايين، وحتى في منطقة الخليج.. الكل تغير، وأصبح يعمل ويخطط، ونحن مازلنا نتباهى ونتباكى على ماضٍ مضى.. وهل تتوقف عقارب الزمان عند الماضي؟! متى ما أراد الهلال، وغيره من الأندية السعودية، العودة لسيادة آسيا؛ فليس أقل من أن تتحرك وفق تحليل فني لكل المتغيرات من حولها، وأن تنهج الأسلوب الأمثل والطريقة المثلى؛ لتنجح في الحصول على بطولة قارية كبطولة آسيا في حلتها الجديدة. عندما نثير الأسئلة حول المنافسين، ونعرف سر تفوقهم، في حين أننا نتفوق على بعضهم من ناحية المال والميزانيات، عندها ستكبر المسافة بيننا، ونصبح قادرين على إحداث الفرق والتفوق عليهم في ميادين الكرةولعل أولى الخطوات على هذا الطريق الصحيح، هي أن نبدأ من الداخل؛ فنرسم خريطة عمل واضحة تعتمد على مقومات وفق ما هو متاح، فنركز على الجوانب الضعيفة التي نعاني منها، ونعمل على تقويتها بشكل يجعلنا لا نشعر بوجود الفوارق الفنية إزاء أي فريق من الفرق الآسيوية، وخصوصا في شرقي آسيا. ولنوضح الأمر قليلا، نضرب مثالا بسيطا.. لنتساءل عن الأسباب الحقة وراء تفوق «أولسان» الكوري على الهلال... هل كان ثمة تفوقٌ في العناصر، على رغم ضعف ميزانية هذا الفريق الكوري قياسا على ما أنفق على الهلال؟ أم أن الأمر يتعلق بأسلوب فني وطريقة لعب محكمه تصعب مجاراتها؟ عندما نثير الأسئلة حول المنافسين، ونعرف سر تفوقهم، في حين أننا نتفوق على بعضهم من ناحية المال والميزانيات، عندها ستكبر المسافة بيننا، ونصبح قادرين على إحداث الفرق والتفوق عليهم في ميادين الكرة. الكرة الصينية الآن تعمل على محاور التفوق، بعد أن أيقنت بأن التفوق لن يحدث إلا من خلال التخطيط والعمل؛ فبحثت عن جوانب الضعف، ووضعت الحلول التي ستضمن لها التفوق في القريب العاجل، وما وجدناه من الفريق الصيني في دور الثمانية مع «الاتحاد» يجعلنا نتنبأ بمستقبل كبير للكرة الصينية. إذن هناك حقيقة واضحة، وأُدرك إدراكًا تامًّا أنها لم تكن غائبة في يوم من الأيام عن المعنيين بالرياضة في السعودية؛ لكننا لم نكن مدركين أن حجم العمل في رياضتنا لم يكن بالشكل المطلوب. إن آسيا «تتفرج» على تدهور كرة القدم لدينا، وشهرًا بعد شهرٍ يسقطنا التصنيف الدولي في مراكزه إلى أسفل. الهلال، وبرباعيته الجديدة التي تلقاها من «أولسان» الكوري، يوقّع على أسوأ درجات الضعف الفني والإداري لكرة القدم في المملكة العربية السعودية، فكما يقولون: يعد الهلال «تيرمومتر» الكرة السعودية؛ أي أنه يكشف لنا حال كرتنا، حتى يدرك من يعتقدون أن رياضتنا لا تزال تحتفظ بشيءٍ من التفوق، أننا غير متفوقين بالمرة. عودة الأندية والمنتخبات السعودية لزعامة آسيا من جديد ليس بالأمر المستحيل أو الصعب، بل على العكس من ذلك، فنحن نحتاج فقط أن نفكر كما يفكر الآخرون، ونقرأ الوضع بشكل سليم، ونبني أفكارنا على ضوء ما نشاهده، وجميعها تحتاج إلى العمل الصادق والدءوب دون تقاعسٍ أو تهاون. يجب أن نكون متفائلين ومؤمنين بقيمة ما نعمله، ونفرض أهميته حتى لا نجد ما يعيق تقدمه. ودمتم بخير ،،،، [email protected]