مع الفارق بين الحوادث الإرهابية من حيث حجمها وآثارها والتعامل معها إلا أن هناك ثابتا واحدا هو أنها تصدر عن أفكار وأشخاص كارهين للحياة والناس. ما حدث في الزلفي أو سريلانكا، ومن قبلهما نيوزيلندا وعشرات الحوادث الإرهابية السابقة، يدل على أن هناك دائما نارا مشتعلة تحت الرماد، وأن العالم بأسره، بكل مواقفه ومنظماته، لم يصل بعد إلى إنجاز وعده المعاصر بتحقيق قيمة الإنسان، بغض النظر عن دينه وملته ومشاربه الفكرية الخاصة. كل ما فعله إنسان اليوم هو أنه قام بالثورات وأصدر القوانين والتشريعات الإنسانية التي لم تستطع اختراق جدار الكراهية المتين. الإرهاب المستشري الآن في كل مكان لا يمكن إطفاء نيرانه بمجرد التفاعل الوقتي والتصريحات الإعلامية واتخاذ مزيد من الإجراءات الأمنية بعد كل حادث هنا أو هناك. ما هو أمام العالم الآن بمثابة تحدٍ كبير بأن يصل قادته ودوله إلى اتخاذ خطوات جادة وحقيقية لمكافحة الإرهاب بكل ما تتطلبه هذه المكافحة من إمكانات وقدرات ووسائل، بدلا من هذه المزايدات التي تظهر بين الحين والآخر وتُحمل المسؤولية لهذا الطرف من العالم أو ذاك. انتقائية مسؤوليات الإرهاب، أو الاعتقاد بحصره في بقعة بعينها، لن تؤدي إلى أي نتيجة في كف شره والحد من غلوائه. ونداءات المملكة وكثير من الدول العربية لضرورة تضامن كل دول العالم لمكافحته ما زالت قائمة وتتكرر مع وقوع كل حادث إرهابي، لكن الغرب، الذي يملك قوة القرار والتشريع الدولي أكثر من غيره، لا يبدو أنه يصغي لهذه النداءات أو يستجيب لها بالقدر الذي ينقلنا إلى حالة أفضل في الحرب على الإرهاب والإرهابيين. هناك استحقاقات سياسية واقتصادية وفكرية لا بد أن تؤخذ من كل دول العالم بالاعتبار إذا أرادت أن تقضي على ظاهرة الإرهاب المستشرية، ومن غير مناقشة هذه الاستحقاقات وأخذها على محمل الجد ستبقى التنظيمات الإرهابية تُفرخ بعضها وتضرب في كل مكان تقدر على الوصول إليه.