أدان مجلس جامعة الدول العربية الحادث الإرهابي الذي وقع في مسجد الروضة بشمال سيناء يوم 24 نوفمبر الماضي بأشد العبارات، معربًا عن التعازي لأهالي الضحايا في هذه العملية الإرهابية الغاشمة، ومؤكدًا على وقوف الدول الأعضاء إلى جانب جمهورية مصر العربية قيادةً وشعبًا في حربها المستمرة ضد الإرهاب. واستنكر المجلس في قراره الصادر في ختام أعمال اجتماعه غير العادي على مستوى المندوبين الدائمين مساء اليوم، جميع أشكال العمليات الإجرامية التي تشنها التنظيمات الإرهابية في الدول العربية وفي كافة دول العالم والتنديد بكل الأنشطة التي تمارسها تلك التنظيمات المتطرفة التي ترفع شعارات دينية أو طائفية أو مذهبية او عراقية وتعمل على التحريض على الفتنة والعنف والإرهاب. وثمّن مجلس جامعة الدول العربية وقدّر جهود مصر في مكافحة الإرهاب، مشيدًا بالدور الذي تقوم به القوات المسلحة المصرية والأجهزة الأمنية المعنية في جمهورية مصر العربية في صون الاستقرار والسلم، ومثمنًا التضحيات التي تقدمها في مكافحة الإرهاب ومواجهة التنظيمات الإرهابية. وأكد المجلس على الحق الثابت للدول الأعضاء في اتخاذ جميع الإجراءات واستخدام كافة الوسائل التي تحول دون تعرضها لأي تهديدات واعتداءات تشكّل خطرًا على أمنها وسلامة مجتمعاتها، وذلك وفقًا لميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأممالمتحدة. واعتبر المجلس مكافحة الإرهاب حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان لما للإرهاب من آثار مدمرة على قدرات المواطنين على التمتع بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مثمنًا الجهود العربية التي أدت في هذا السياق إلى تمرير قرار آثار الإرهاب على التمتع بحقوق الإنسان في كل من مجلس حقوق الإنسان الدولي واللجنة الاجتماعية والإنسانية والثقافية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وشدد مجلس جامعة الدول العربية على حتمية الشمولية في الرؤية في التعامل مع الإرهاب دون انتقائية أو تمييز، محذرًا من الرابطة القوية التي تجمع بين التنظيمات الإرهابية المختلفة في المنطقة والتي تتبنى نفس الأيديولوجية المتطرفة والتعاون فيما بينها عملياتيًا الأمر الذي يفرض على المجتمع الدولي التعامل مع هذه التنظيمات بذات الاهتمام وعدم الاقتصار على تنظيم بعينه واغفال التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تشاطرها ذات الإطار الأيديولوجي والفكري. وحث المجلس الدول الأعضاء على التجاوب مع جهود مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب والأمانة العامة لجامعة الدول العربية لتنفيذ قرار قمة عمّان رقم (699) الخاص باعتماد الإعلان العربي المعنون (دعم العمل العربي للقضاء على الإرهاب) الصادر عن المؤتمر الوزاري العربي حول الإرهاب والتنمية الاجتماعية الذي عُقد في مدينة شرم الشيخ المصرية يومي 27 و28 فبراير 2017م. وأكد مجلس جامعة الدول العربية في قراره أهمية تصديق وانضمام كافة الدول الأخرى العربية للصكوك الدولية والإقليمية لمكافحة الإرهاب ومواءمة تشريعاتها الوطنية مع أحكام الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب وقرارات مجلس الأمن الدولي المعنية بمكافحة الإرهاب والصكوك الدولية ذات الصلة. ودعا القرار مجلسي وزراء العدل والداخلية العرب الاستمرار في متابعة الإجراءات والتدابير التي تقوم بها الدول العربية لتنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة عام 1998م، وتفعيل الآلية التنفيذية للاتفاقية، وكذلك اتفاقية الرياض للتعاون القضائي العربي، وبحث سُبل تعزيز التعاون القضائي العربي في قضايا الإرهاب بما في ذلك الإسراع في إنشاء شبكة التعاون القضائي العربي في مجال الإرهاب والجريمة المنظمة والاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الموقعة عام 2010م لوضع الرقابة الصارمة اللازمة على شركات القطاع غير الهادفة إلى الربح والشركات العاملة في المجال المالي والتقني والمجالات الأخرى، والتي يمكن أن تستخدم منتجاتها وخدماتها في تمويل التنظيمات الإرهابية. وحث مجلس جامعة الدول العربية الدول الأعضاء على تعزيز تعاونها في إطار الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، وذلك للعمل على نحو جماعي لحرمان التنظيمات الإرهابية من استخدام وسائط التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في بث دعايتها التي تروج للكراهية والفتنة وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب في الجرائم التكنولوجية المستخدمة في تمويل الإرهاب. وأكد المجلس ضرورة الإسراع في تنفيذ قرارات مجلس الجامعة العربية التي رحبت بالمبادرة التي أطلقتها مصر في قمة الكويت عام 2014م بعقد اجتماع مشترك لوزارة الداخلية والعدل العرب لبحث سُبل تفعيل الاتفاقية الأمنية والقضائية مع النظر في عقد هذا الاجتماع بشكل طارئ لمناقشة إمكانيات تعزيز المنظمة العربية لمكافحة الإرهاب وتحديث الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب التي اعتمدها مجلس وزراء الداخلية العرب عام 1997م بما يتواكب مع التحديات والتهديدات الإرهابية والأمنية والتقنية ذات الصلة بالإرهاب، فضلاً عن بحث سُبل تعزيز التعاون القضائي العربي في قضايا الإرهاب بما في ذلك الإسراع في إنشاء شبكة التعاون القضائي العربي في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. كما حث المجلس الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب على التصديق عليها، ودعوة الدول العربية المصدقة على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب إلى التصديق على تعديل الفقرة الثالثة من المادة الأولى من الاتفاقية بشأن تعريف الجريمة الإرهابية لتجريم التحريض على الجرائم الإرهابية أو الإشادة بها ونشرها أو إعداد محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أيًا كان نوعها للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها بهدف تشجيع ارتكاب تلك الجرائم، وكذلك تجريم تقديم أو جمع الأموال أياً كان نوعها لتمويل الجرائم الإرهابية بما في ذلك تجريم دفع الفدية. ودعا مجلس جامعة الدول العربية الدول الأعضاء إلى التزام بقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة الإرهاب الدولي وعلى الأخص القرار رقم (1624) الخاص بتجريم التحريض على الجرائم الإرهابية، والقرار رقم (2178) بشأن منع السفر وعبور المقاتلين الأجانب، والقرار رقم (2354) حول الترحيب بوثيقة الإطار الدوري الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابي، والقرار رقم (2370) حول منع حصول الإرهابيين على السلاح مع الحث على التقيد بلوائح وقوائم الأممالمتحدة في تصنيف الجماعات والكائنات الإرهابية والالتزام بتطبيق العقوبات الدولية الواجبة على الأفراد والكيانات المدرجين على هذه القوائم طبقًا لقرارات مجلس الأمن وإدخال التعديلات اللازمة في التشريعات الوطنية للتمكن من تطبيق تلك العقوبات والدعوة للنظر في إنشاء قائمة عربية موحدة للتنظيمات والكيانات الإرهابية. وطالب القرار مجلس وزراء الداخلية العرب بالنظر في إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب وإتاحة قاعدة البيانات للدول العربية. ودعا المجلس المجتمع الدولي لاتخاذ الإجراءات الأمنية والقضائية اللازمة لمنع الإرهابيين الأجانب من الانتقال لمناطق الصراع، والحيلولة دون سفرهم خارجها، وحرمانهم من أي ملاذات آمنة، وتقديمهم للعدالة على ما ارتكبوه من جرائم إرهابية. وشدد المجلس على أهمية دعم مبادرة عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأممالمتحدة أو دورة استثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث ظاهرة الإرهاب والإسراع في إعداد اتفاقية الأممالمتحدة الشاملة بشأن الإرهاب الدولي، تتضمن تعريفًا محددًا للإرهاب، متفق عليه دوليًا، يميز بين الإرهاب والحق المشروع للشعوب في مقاومة الاحتلال، مع الأخذ في الاعتبار أن قتل المدنيين الأبرياء لا تقره الشرائع السماوية ولا المواثيق الدولية. ودعا مجلس جامعة الدول العربية الدول الأعضاء إلى سن التشريعات والقوانين، واتخاذ الإجراءات والتدابير لتجريم الفكر المتطرف لخطورته في تغذية الإرهاب وإثارة النزعات الطائفية، والطلب إلى الأمانة العامة تعزيز التنسيق مع الجهات العربية المعنية لمكافحة الإرهاب ومواصلة تعاونها مع المنظمات الإقليمية والدولية من أجل تعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والطلب من الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط متابعة تنفيذ هذا القرار وتقديم تقرير حول الإجراءات التي تم اتخاذها بهذا الشأن إلى الدورة المقبلة لمجلس جامعة الدول العربية.