كشف القيادى البارز المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية «ثروت الخرباوي»، أن الجماعة تقيم تحالفات مع أجهزة مخابرات غربية تتقابل معها في المصالح. وأوضح أن التركيز دوما على استهداف السعودية ومصر بحكم أنهما أكبر دولتين بالمنطقة. وأكد وجود مؤامرة تمثلت في زرع «الإخوان» بمصر، وتصعيدهم للحكم، وبالفعل تحقق جزء منها قبل سقوطهم بعد ثورة 30 يونيو 2013. وأفاد أن بقية المؤامرة كانت تستهدف بعد القضاء على الجمهوريات بالمنطقة، الاتجاه إلى الدول ذات الأنظمة الحاكمة الملكية، وتوظيف الخلافات المذهبية لبث الفوضى وتقسيم هذه الدول. ووصف الخرباوي المملكة بالدولة القوية المتماسكة التي لم تتأثر بهذه المؤامرات، بل ساهمت في إيقاف مخطط تقسيم عدد من الدول التي كانت ضمن مخطط تمزيق الوطن العربي.. فإلى نص الحوار.. كيف احتفظ الإخوان بقوتهم بعد الضربات العنيفة وما أبرز ملامح تواجدهم على الساحة؟ يوجد خلط في عدة أشياء، اعتقد الجميع أنه بعدما تم توجيه ضربات أمنية قوية لجماعة الإخوان ولجماعات الإرهاب والعنف في مصر، فإن هذا الأمر انسحب على التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الموجود في 80 دولة في العالم، وهو مؤثر في بعض الدول وضعيف في أخرى، لكن يجب أن ندرك أننا نتحدث عن منظمة دولية يعمل جزء منها فوق الأرض ظاهر أمام الناس، أما الجزء الأكبر فيعمل سرا تحت الأرض مع تنظيمات سرية، ويقيم أيضا تحالفات مع أجهزة مخابرات غربية تتقابل المصالح فيما بينهم، الإخوان في مصر بعد الضربات الأمنية أصبح تنظيما ضعيفا لكنه لا يزال موجودا. هنالك فرق بين الثبات التنظيمي والوجود التنظيمي، فجماعة الإخوان بسبب الضربات الأمنية القوية لم يعد لديها ثبات تنظيمي وتحاول استعادة هذا الثبات وتقف على أرض صلبة واضحة وتعيد ترتيب التنظيم من جديد، لكن هذا لا يعني أن التنظيم اختفى بسبب عدم الثبات، فهذا التنظيم مكون من أفراد تعرضوا بالفعل لضربات أمنية قوية جدا، ولكن بالنسبة للمجموع الكلي للإخوان فإنه يعتبر نسبة صغيرة. هل أثرت الضربات الأمنية على قوة التنظيم؟ على الرغم من القبض على أكثر من 30 ألف إخواني في مصر ووضعهم قيد المحاكمات، وهروب أكثر من 45 ألفا، لا يعني اختفاء نحو 80 ألف إخواني من التأثير الفعلي، ويجب ألا ننسى أن التنظيم نفسه يتشكل من عدة دوائر، الأولى تضم 500 ألف عضو منظم، اختفى 80 ألفا منهم، ليتبقى أكثر من 400 ألف في مواقع مهمة بالوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة والصحافة والمنصات الإعلامية. وهناك محاولة لاستعادة الوجود الطلابي مرة أخرى والتأثير في الأنشطة الطلابية، وهناك دائرة أخرى أكثر اتساعا هي المحبون والمؤيدون والمتعاطفون معهم، وهي تتزايد حاليا لأسباب عديدة، منها أحيانا الأزمات الاقتصادية التي تدفع البعض إلى التفكير بأن القديم كان أفضل. كيف تمكن هذا التنظيم الإرهابي من خدعة قطاعات عريضة من الجماهير؟ الإخوان لديهم منصات إعلامية في منتهى القوة، استطاعت أن تلعب في هذه الملفات وتصنع برمجة ذهنية بعقول البسطاء وإدارة العقلية الجمعية للجماهير لتوجيهها للحصول على قدر من التعاطف. والإخوان لا تحيا إلا بالمظلوميات المصطنعة مثل مظلومية رابعة العدوية والاتجار بمظلومية قتلة النائب العام، رغم تورط عدد من عناصرها في هذين الحادثين بجرائم قتل وإرهاب، كل هذه الأشياء تدفع إلى صنع حالة من التعاطف معها، لذا فهذه الدوائر داعمة ومؤثرة لكيان الإخوان. أضف إلى ذلك أن الإخوان أصبحت لديهم احترافية في نشر الشائعات وبث الأكاذيب ولديهم مؤسسة كبيرة خاصة بهذا الشأن تعمل في تركيا، ويتلقى عناصرها تدريبات احترافية، وتدعمها أجهزة مخابرات غربية، الإخوان لا يزالون على الساحة وبقوة، ومخطئ من يظن غير ذلك. ما أبرز تحالفات التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية؟ جماعة الإخوان لا تفكر وحدها بشكل مستقل، ومن خلال التحالفات التي نجحت في عقدها خلال العقود الماضية، كان الحليف الأقوى والأكبر المخابرات البريطانية التي كان لها دور قوي وكبير جدا في وضع إستراتيجيات الجماعة بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية، إذ أن بينهما تنسيقا كبيرا في إدارة ملف الإسلام السياسي بالعالم كافة وفي منطقة الشرق الأوسط خاصة، والإخوان هم الطرف الفاعل في هذا الشأن. وأعدت باحثة نمساوية بحثا مهما في عام 2003 قدمته للمخابرات الأمريكية والبريطانية قالت فيه: إن جماعة الإخوان هي النموذج الأفضل ل«البراجماتية النفعية» التي تبحث عن مصالحها والتي يمكن عقد اتفاقات وتحالفات معها، وأقر بذلك كثير من الساسة في بريطانياوالولاياتالمتحدة. وسط هذا العدد الكبير من المؤامرات.. أي أجندة ينفذها الإخوان؟ الذي صاغ الشكل النهائي للولايات المتحدة في القرن ال 19 هو المحفل الماسوني العالمي، أي أن أمريكا قارة ماسونية وهي تعترف بذلك، والعالم يعرف ذلك ومعظم الرؤساء الذين تولوا إدارة الولاياتالمتحدة ماسونيون. وجماعة الإخوان أيضا لم تكن في بداية تكوينها بمصر عن طريق المخابرات البريطانية كما يتصور البعض، ولكن كان ذلك من خلال المحفل الماسوني في باريس عن طريق الأموال التي تلقتها من لويس أنطوان رئيس المحفل الماسوني بباريس الذي جاء إلى مصر وأصبح مديرا لشركة قناة السويس، كما أن حسن البنا مؤسس الجماعة اكتسب لقب«البنا» من الماسون ولم يكن اسم عائلته، معنى ذلك أن الماسونيين صنعوا قطار الإخوان ووضعوا عليه لافتات إسلامية، والقطار تقوده إدارة ماسونية ولا يصل إلى غرفة القيادة إلا من وصل لعضوية المحافل الماسونية في فرنساوالولاياتالمتحدةوبريطانيا وهولندا وهي المواقع الرئيسية. ونجمة الماسونية في مبنى المخابرات الأمريكية ظاهرة وواضحة ورموز المخابرات البريطانية من الماسونيين. هل تعني أنهم يعملون لتحقيق أهداف مشتركة؟ هناك ثلاثة محافل لها صفة الدولية هي «المحفل الماسوني الدولي، والمحفل الصهيوني الدولي، والمحفل الإخواني الدولي»، هذه المحافل الدولية في العالم تسير بخطوط متوازية لتحقيق أهداف مشتركة، وعندما أراد الماسونيون صنع محفل كبير أو كيان في المنطقة العربية تابع لهم، وليس بالضرورة أن يكون مندمجا بداخلهم اختاروا الإخوان، وجندوا عددا من القيادات الإخوانية في الخارج. الرئيس المصري المعزول محمد مرسي انضم للإخوان عندما كان في جامعة كاليفورنيا بالولاياتالمتحدة والمخابرات الأمريكية استطاعت تجنيده، ومحمد بشر أحد قيادات تنظيم الإخوان كان أيضا في أمريكا، كما أن خيرت الشاطر نائب المرشد وأحد أبرز قيادات الجماعة في فترة ازدهار الإخوان بعد سقوط نظام مبارك، قبل اندماجه بالإخوان كان يقيم في بريطانيا، أي أن العديد من القيادات الإخوانية الفاعلة كانت في الغرب، ثم أتت لتتسلم مناصب في مواقع قيادية بالجماعة، لذلك تم صناعة هذه الكوادر لتكون بديلا للقيادات الشرعية. من يدير الجماعة حاليا بعد حبس وهروب قياداتها؟ مرشد الإخوان الحالي هو جهاز المخابرات البريطانية وهو من يدير التنظيم حاليا، بالإضافة إلى أنه في الوقت ذاته يتولى إدارة وتوجيه النظام القطري بالتعاون مع المخابرات الأمريكية، فضلا عن اتصالاته مع النظام التركي. والتركيز دوما على استهداف السعودية ومصر بحكم أنهما أكبر دولتين بالمنطقة، وكانت المؤامرة هي زرع الإخوان في مصر وتصعيدهم للحكم وتحقق جزء من المؤامرة قبل سقوطهم بعد ثورة 30 يونيو 2013، وكانت بقية المؤامرة بعد القضاء على الجمهوريات، الاتجاه إلى الدول العربية الأخرى وتوظيف الخلافات المذهبية لبث الفوضى وتقسيم هذه الدول، لكن المملكة دولة قوية متماسكة لا تتأثر بهذه المؤامرات، بل ساهمت في إيقاف مؤامرات تقسيم عدد من الدول التي كانت ضمن مخطط تمزيق الوطن العربي. هل هي سيناريوهات مفتعلة؟ من يتأمل سيناريوهات الأحداث الجارية يعود إلى تبني وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس مفهوم «الفوضى الخلاقة» عام 2005 والتي زعمت خلاله بانتقال الدول العربية والإسلامية من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، وهي نظرية ترى أن وصول المجتمع إلى أقصى درجات الفوضى متمثلة بالعنف والرعب والدم يخلق إمكانية إعادة بنائه بهوية جديدة، وللأسف الشديد تتبنى قطروتركيا والإخوان هذه النظرية الدموية من أجل رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط. من أبرز جماعات الإرهاب والتطرف بالمنطقة بخلاف الإخوان؟ كان الاعتقاد أن جماعات إرهابية ومتطرفة أخرى تأثرت بالإخوان وخرجت تعبر عن نفسها، وأن بينها والإخوان قدرا من الاختلاف، لكن هذا الكلام تبين أنه غير صحيح، فكل هذه الجماعات خرجت من عباءة الإخوان وهي فروع لها. الإخوان أنشأوا التنظيم السري والمسلح عام 1939 والذي ارتكب جرائم أدت لتجميد هذا التنظيم، وعندما عاد للظهور في السبعينيات اتفق عدد من القيادات الإخوانية وأبرزهم مصطفى مشهور ود. أحمد الملط وأحمد حسنين وحسن عبدالباقي على عودة التنظيم السري المسلح ولكن بأسماء مختلفة، فظهرت جماعة التكفير والهجرة والتي يقودها شكري مصطفى أحد أبناء الجماعة، وفي 1975 كانت قضية الفنية العسكرية التي نفذها مجموعة تابعة لطلال الأنصاري التابع للإخوان، كما أن جذور تنظيم القاعدة الإرهابي إخوانية، إذ أنشأه عبدالله عزام القيادي الإخواني الفلسطيني الذي كان مسؤولا عن إخوان فلسطين، وأطلقه بالتنسيق مع مصطفى مشهور. ماذا عن الجماعات الأخرى؟ حركة حماس بقيادة الشيخ أحمد ياسين أيضا كانت إخوانية، وفي مصر جماعة أنصار بيت المقدس التي أنشأها محمود حسين القيادي الإخواني الهارب إلى تركيا الذي كان يشغل منصب أمين عام الجماعة، وكذلك حركات أخرى مثل «حسم» و«أجناد مصر» التي أنشأها القيادي الإخواني محمد كمال، والمفارقة أن أبوبكر البغدادي قائد تنظيم داعش الإرهابي، كان أحد شباب الإخوان واعترف بذلك يوسف القرضاوي في أحد لقاءاته. وكان خيرت الشاطر الذي يمسك بخيوط اللعبة في التنظيم الدولي الإرهابي، يدير مكتبا إداريا للتنسيق بين تلك الكيانات، وكان صاحب الدور الأبرز في إدارة هذه الجماعات الإرهابية والمتطرفة داخل وخارج مصر. كيف ترى هزيمة الإخوان في الانتخابات المحلية التركية؟ أزمات كثيرة في تركيا لم تظهر بقوة خلال الفترة الماضية، لكن كان أبرزها محاولة القضاء على حكم أردوغان من خلال المجموعات التي خرجت عليه من الجيش، واتهامه لفتح الله غولن بتوجيه هذا الانقلاب، ثم صادر مؤسساته، والمشكلة أن خصوم الرئيس التركي كانوا مجموعات، بينما هو كيان واحد فكان ينتصر عليهم، لكن نتيجة للسخط الشعبي إثر تردي الحالة الاقتصادية وهبوط قيمة الليرة التركية في مقابل الدولار واليورو، اشتعلت الأوضاع. الشعب التركي شعر أن رئيسه يقود البلاد لأزمات دولية متكررة لا علاقة له بها ولا تلبي احتياجاته، بينما تحقق طموحات أردوغان الشخصية، فبدأت المعارضة في التوحد واتحد الفرقاء، ما أصاب شعبية حزبه «العدالة والتنمية» في مقتل، وخسر في الانتخابات المحلية. وأردوغان نفسه قال: إن من يتحكم في اسطنبول فقد تحكم في تركيا كلها، لذا فإن سقوطه في هذه المدينة الإستراتيجية، يشير إلى تهاوي شعبيته، يضاف إلى ذلك سوء السمعة الذي لحق بالإخوان فهم مجموعة من العصابات الأشرار خونة الأوطان.