أثرت التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ سلبي على العلاقات الأسرية والاجتماعية والإنسانية، كما أسهم الاستغراق في استخدام هذه الوسائل في انخفاض التفاعل الاجتماعي المباشر للفرد، حيث أصبحت التهاني والمباركات والتعازي تتم من خلال رسائل قصيرة بدلا من الزيارات، وأكد مختصون أن وسائل التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي تؤدي إلى ما يسمى بالاغتراب النفسي بين الشباب ومجتمعهم، إلى جانب تأثيرها سلبا في المحيط العائلي، وقد تؤدي المراحل المتطورة من استخدام التكنولوجيا والحياة الافتراضية بمواقع التواصل الاجتماعي إلى ما يسمى بمرض التوحد، حيث يصبح الفرد يعيش بمفرده داخل عالمه الافتراضي ويبتعد عن العلاقات المباشرة الحقيقية. تجمعات عائلية وأوضحت المواطنة أم حبيب أنه في السابق كان الجميع يستيقظون الصباح وتقوم العائلة بالاجتماع في بيت الجد الكبير، ويذهبون جميعهم إلى المزارع والنخيل، وتقول: إن كان صيفا يذهبون ويجمعون الرطب وإن كان فصل الشتاء يجمعون التمر ويجتمعون ويجلسون جميعهم ويعدون القهوة، ويأتون الجيران والأهل جميعهم ويتجاذبون أطراف الحديث بينهم وبعدها تخرج العائلة سويا للأسواق لشراء اللحم والأرز ويطبخونه ويأكلون جميعا في أجواء مليئة بالألفة العائلية والمحبة، وتأتي فترة العصر وتكون مخصصة لشرب الشاهي وبعدها يذهبون إلى البحيرة. الاكتفاء برسالة وتؤكد المواطنة زينب حبيب أنه منذ انطلاق مواقع التواصل الاجتماعي وما يعرف بالدردشة الإلكترونية، بدأت الأسر في التفكك فعليا، وأصبح كل «شخص في وادٍ» على حد وصفها. وتشير إلى أن الجميع أصبحوا غارقين في الهواتف الذكية وحتى الأطفال أصبحوا لا يفارقون الآيباد، وانقطعت صلة الرحم ووصلت إلى درجة أن دعوات الزواج أصبحت في "الواتس أب" وتكتفي الناس بكلمة ألف مبروك عن حضور الزواج، موضحة أن السوشيال ميديا كان سببا رئيسيا في تفريق الناس والأهل والجيران. وذكرت «صارت الناس تقول مو لازم أزوره كلمته واتس أب، ومو لازم أروح عرسهم باركت لهم بالسناب». الاستعلاء والكبرياء وقال المستشار الأسري والتربوي عبدالله العنزي: بالتحدث عن الماضي كان الجيران بمثابة أسرة واحدة لا يتميزون عن بعضهم أبدا، سواء ماديا أو اجتماعيا أو تعليميا فلا يفترقون عن بعضهم بصلة الرحم والترابطات العائلية. وذكر أن الحاضر وللأسف أن أصبح الجار لا يعرف جاره، وانعدمت التجمعات العائلية بينهم، وكما يقولون «كلن بحاله عايش وذلك بسبب الكبرياء والاستعلاء على الجيرة». ضعف العلاقات وذكر الأخصائي النفسي ناجح جمال وجود اختلاف كبير فى الماضي عن الوقت الحالي، حيث كانت التجمعات تعقد بصفة مستمرة والتجمعات الأسرية، وبين أن نتيجة التطور والتقدم واستخدام السوشيال ميديا، أصبح التواصل العائلي أقل بشكل ملحوظ وهذا من التأثيرات السلبية للسوشيال ميديا وإن كان يوجد زيارات عائلية للأسف تشغلهم الهواتف ومواقع التواصل، وللأسف بسبب الاستخدام السيئ لمواقع التوصل أصبحت كثير من الأسر مفككة وضعفت العلاقات بين الأسر، وأصبح الكثيرون يعانون من الاغتراب النفسي والزوجات تعانى من إهمال الزوج وانشغاله بالجوال وعدم الاهتمام بالأطفال، وأصبح الكثير منغمسا ومنغلقا في عالمه الافتراضي وترك العالم الحقيقي الواقعي. الاهتمام والرعاية كما ذكر الأخصائي النفسي ناجح جمال أنه بالنسبة للأثر النفسي الذي يخلفه الأبناء لوالديهم نظير انشغالهم بالجوال أثناء الزيارات العائلية، بالتأكيد يصيب الوالدين بالإحباط وبيزيد إحساسهم بعدم الاهتمام والرعاية من قبل الأبناء خاصة وهم في مرحلة الشيخوخة وهم أحوج ما يكونون للاهتمام والرعاية ويزيد إحساسهم بالعزلة والانطواء والاغتراب. راحوا الطيبين وأشار المستشار الأسري يوسف الدهمشي إلى وجود جزء كبير من مشاكلنا ومن السلبية المنشرة في مجتمعنا المقارنات بين الماضي والحاضر، وحتى كلمة «راحوا الطيبين» إساءة للمجتمع الماضي قبل الحاضر في علم الاجتماع كل زمن له خصائصه وقيمه وتقاليده وإيجابياته وسلبياته، وإن مقارنة الماضي بالحاضر شيء خاطئ. وذكر حدوث تغيرات كثيرة أول أسبابها هي الطبيعة الاجتماعية، فمن البديهي أن يختلف جيل عن جيل، وبين أن هذا تغير الماضي والحاضر تغير فطري، ووقتنا الحالي ومع وجود التكنولوجيا أصبحت معرفة أخبار الناس أسهل من السابق، فالسابق كان الناس لا يعلمون من تزوج ومن توفي ومن أنجب وحتى أخبار العالم، وبين أن من أسباب التغير بين الماضي والحاضر هم الأفراد أنفسهم، فكبار السن لا يتقبلون الحاضر ويتذمرون منه وصغار السن لا يتقبلون الماضي فلا بد من الإيمان بالعصر الحديث وتقبله كما هو. وللسوشيال ميديا ميزة خاصة وهي التواصل مع الأقارب والأهل، فيوجد من لديه ابن أو ابنة يدرسون بالخارج ومن لديه أقارب خارج البلد، وبين أن الأم والأب من المراتب الأولى في صلة الرحم، ومن بعدها تتم صلة رحم الأهالي والأقارب بالزيارات فلا يغني السوشيال ميديا عن هذه التجمعات العائلية.