من المكالمات الصعبة التي تبقى عالقة في الذهن تلك التي تحمل في طياتها خبرا حزينا تجعل من استقبل الاتصال يتذكر الوقت والمكان ونبرة صوت المتصل! كتلك المكالمات الواردة من المستشفى أو من أي قطاع له علاقة بالحوادث المرورية، والحياة لا تخلو من مثل تلك الاتصالات والمنغصات، نفرح تارة ونحزن أخرى، وهذه سنة الله في خلقه، منها على سبيل المثال فراق الأحبة والأصدقاء، سواء من يغادرنا بعد تقاعد أو من يغادر الدنيا كلها نتيجة مرض، أو تعرض لحادث مروري وغيره، ولأن آفة الحوادث المرورية عمت وطمت، إذ لا يكاد يخلو بيت لم يذق مرارة الفراق سواء في قريب أو جار أو صديق، التقيت مع الأستاذ سلمان الدوسري وهو ممن عاش مرارة الفراق، حيث فقد ابنه فهد في حادث مروري برأس تنورة. وبحكم اهتمامي بالسلامة المرورية، أحببت أن نطلع برسالة توعوية لشبابنا، حماهم الله، من خلال هذا المقال، فدار الحديث مع أبي فهد، وكانت البداية كيف تلقى خبر وفاة ابنه فهد -رحمه الله-، فقال تلقيت الخبر من أحد المسؤولين في مركز التدريب برأس تنورة التابع لأرامكو السعودية، بأن ولدي فهد قد تعرض لحادث مروري وأموره طيبة والآن متواجد في المستشفى لتلقي العلاج، وبناء عليه توجهت لرأس تنورة. يقول أبو فهد: لم أستطع أن أقود السيارة شعرت بأن الأمر أكبر من مجرد حادث بسيط، ولذلك طلبت من ابني داؤود أن يقود المركبة لأنني لم أكن في وضع يسمح لي بالقيادة، وعند وصولنا كان أحد المسؤولين في مركز التدريب بالانتظار وكانت كلماته عند استقباله لي حول الإيمان بقضاء الله وقدره والاحتساب رسالة كافية بأن ابني فهد قد توفي في حادث مروري، ومن هول الصدمة، لم أستطع أن أطلب أن أشاهد ابني ورجعنا للخبر وأنا أفكر لماذا رجعت ولماذا لم أطلب مشاهدة ابني؟!. ماذا أقول لوالدته التي حزنت بمجرد أن سمعت بخبر الحادث، فكيف ستتلقى خبر وفاة فهد المتعلقة به؟ وكيف أبدأ في طرح الموضوع؟ فعلا كانت لحظات عصيبة. يختم حديثه بحرقة قائلا: لقد عم الحزن على جميع أفراد العائلة والأقارب، ولكن يبقى حزن الأم غير، ورغم مرور سنوات ما زالت أم فهد تتذكر آخر ما قاله فهد عندما غادر المنزل، وأيضا محادثاته لها في «الواتس أب» كذلك غرفته وملابسه وكل ركن في البيت ترى فيه فهد، ولن ننسى وعده أن يعزمنا على العشاء مع أول راتب يتسلمه، ولم يعلم فهد بأن قضاء الله وقدره أسرع من عزيمته التي كان مخططا لها بعد الحادث بيوم. رسالة لكل متهور نحن نفقد ما يزيد على 6000 نفس سنويا، وكل نفس من هؤلاء وراءها ألف قصة وغصة من أمثال أبو فهد وأم فهد، فلا تحرقوا قلوب محبيكم على فراقكم.. فهل من معتبر؟.