لم تستطع الأحداث والسنون أن تغير نمط السياسة السعودية، التي ترتكز على نسيان الماضي والتركيز على المستقبل ومحاولة لم الشمل وتعزيز العلاقات مع الأشقاء والأصدقاء. ولذلك سعت المملكة إلى دفع العراق إلى عمقه العربي ونزع العباءة الفارسية، التي لم تجلب له إلا الويلات وسرقت منه أمنه وثرواته واستخدمته وأبناءه رأس حربة في مشروعها الإرهابي. وفي خطوة أسعدت العرب خصصت السعودية دعماً استثنائياً للعراق وزار وفد رفيع المستوى العراق لتوقيع اتفاقيات اقتصادية والاطلاع على الفرص الاستثمارية العراقية، التي بلغت 186 فرصة مطروحة لرجال الأعمال السعوديين، الذين لديهم تاريخ مميز في دعم التبادل التجاري بين البلدين، الذي وصل إلى 53 مليار دولار. هذا التقارب، الذي سر الشرفاء كثيراً بحكم حجم السعودية وأهمية العراق ستكون له آثاره السياسية والاقتصادية الإيجابية بإذن الله ليساهم في عودة العلاقات إلى سابق عهدها ويفتح الآفاق الاستثمارية ويساهم في إعادة دخول المنتجات السعودية بشكل سلس، حيث فقدت الكثير من الشركات السعودية خاصية الأولوية في السوق العراقي بحكم التحكم الإيراني في الحكومات السابقة ولأسباب أمنية أيضاً. على الشركات السعودية الاستعداد لمرحلة ما بعد هذه الاتفاقيات والعمل على دخول السوق العراقي بقوة وإثبات القدرات، التي تتمتع بها هذه الشركات وجودة منتجاتها وأسعارها التنافسية والمساهمة في إعادة بناء البنية التحتية العراقية. ومازلت أتذكر حالة شركة سعودية -أعرفها شخصياً- توقف بيع منتجاتها الكهربائية في العراق رغم جودتها العالية، وقد استعاضت الحكومة حينها بمنتجات إيرانية كان يكتب عليها اسم الشركة السعودية بحكم ثقة السوق بالشركة السعودية. ونأمل بأن تكون لهذه الزيارة دور لإيقاف مثل هذه الممارسات ودخول حقبة أكثر إشراقاً.