الوعي بالذات هو حالة نفسية تمكّن الإنسان من معرفة صفاته ومشاعره وتصرفاته، أو يمكن تعريف الوعي بالذات كإدراك شخص بنفسه، وهو يعني أيضا أن تفهم نفسك بصورة أفضل. الكثيرون لا يدركون تماما ما يوجد في أعماق شخصيتهم، لهذا فإن اكتشاف النفس يعتبر عملية مستمرة، لا نهاية لها، كلما اكتشفت ما هو داخلك زادت قوة شخصيتك أكثر وأكثر، بالتالي ستفكر أفضل وتتصرف أفضل ويُصبح إنتاجك أكثر إتقانا. دانيل جولمان (المؤلف والعالم النفسي الأمريكي) حدد الوعي بالذات على أنّه يتكون من الوعي العاطفي والتقييم الذاتي الدقيق والثقة بالنفس، وبعبارة أخرى، هو يتمحور حول معرفة مشاعرك، نقاط قوّتك ونقاط ضعفك وامتلاك شعور قوي بقيمتك الذاتية. وحتى تُحَسِّن وعيك بذاتك، عليك التركيز على معرفة مواطن قوتك، فكل فرد يولد في هذا العالم لديه مواهب ومهارات متنوعة، كما أننا نتعلم الكثير مع مرور الوقت، نبدأ التعلم منذ الطفولة بملاحظة ماذا يفعل الآخرون، وهو ما يُسمّيه علماء النفس ب (التعلُّم الإدراكي) ويعني ملاحظة سلوك معين، ثم رؤية النتيجة التي تحققت ثم إعادة إخراج هذا السلوك عندما ترغب الحصول على نفس النتيجة. من هنا نبدأ في استيعاب المعلومات بوعي أو بلا وعي، وبالرغم من أن المعرفة قيمة وقوة، إلا أن الحد الزائد في المعلومات أحيانا يُمثّل عائقا يمنعنا من معرفة ما الذي نجيده أكثر من غيره، ولو اكتشفنا المناطق التي نتميز ونتفوق فيها عندئذ سنكتشف مواطن القوة في شخصيتنا ونركّز عليها بدل تشتيت الجهد في المجالات غير المناسبة. وعليك أيضا أن تعرف مواطن ضعفك، ويمكن أن يكون من الصعب جدا الاعتراف بنقاط الضعف، بل إن الكثير من الناس قد ينكرون أن لديهم نقاط ضعف، لا سيما أولئك الذين يشغلون مناصب قيادية في الحياة، وقد يكون من الصعب أيضا الحصول على ردود فعل حقيقية وبناءة من أولئك، مما يؤدي إلى ما يسمّى (البقع العمياء)، وهي مجالات المشاكل غير المرئية تماما للشخص المعني بالأمر. هذه البقع العمياء يمكن أن تدفع الفرد لمقاومة آراء الآخرين، وهو ما يجعل من التغلب على المشكلة أمرا أصعب. مواطن الضعف يجب أن تكون حقيقة مقبولة كما هي مواطن القوة في كل إنسان، والضعف قد يكون عيبا شخصيا في الإنسان، مثل الخجل أو الخوف، أو عادة غير مرغوب فيها اكتسبها مع الوقت، علينا أن نتقبل الضعف كحقيقة، يخدع نفسه من يرفض الاعتراف بنقاط ضعفه أو يتجاهل ذلك. واختصارا، من دون الوعي بالذات وفهم النفس، من المستحيل أن نكون على وعي بمشاعر الآخرين وأن نتفاعل معها بشكل عادل.