أنا الباحث عن الجدل ومتأكد أن لي زملاء في هذا التوجه أو المنحى الكتابي. لكن ما أتعاطاه هو الجدل البلاغي اللغوي والجذور والأمثال والدلالات. ومثل هذا الطرح لو لم يُعط القارئ إلا الابتعاد عن السياسة وهمومها لكفى. لا بأس أقحمت القارئ الكريم، لكنه قيل لي إن هذا النهج لا يفتقر إلى القبول. ففي أمثالنا الشعبية يوجد قول متداول لا يرقى إلى المثل يقول: هذا مثل ذاك «تفلةٍ بجدار». صحيح أن كل اللغات الحية فيها ما يُسمى (الدايالاكت) dialect، أي التعبير غير الرسمي الذي لا يُكتب في الرسائل والتقارير لكنه على ألسنة الناس في الحديث اليومي وربما في الأدبيات التي يستقبلها العامة. و«تَفَلَتْ» – استعملها قيس ابن الملوح (مجنون ليلى) حيث قال: - ولو تَفَلَتْ في البحر والبحر مالحٌ لأصبح ماء البحر من ريقها عَذْبا لكن بعض النقاد من المتأخرين لاموه على استعمال مفردة كهذه في موضع حب وهيام. ورأيتُ مصطلحا بالإنجليزية أعتقد أنه يعطي المعنى ذاته وهو مصطلح (سبيت إيميج) Spit Image سمى العرب القلم بأسماء ليست بالكثيرة، وذكروا اليراع والطومار والجليل، وأيضا فقد سموا السيف بأسماء تدليل شعرية مثل الأصمعي، بَتَّار، حُسَام، صَارِم، مَاضِي، هندي، صمصام، فيصل، مهند، ونعوت أُخرى صعبة السرد والنطق. إلا «البرميل» (Barrel) فلا نعرف له إلا هذا الاسم الذى يتردد على مسامعنا كل يوم، وقد أخذناه من الكلمة الإنجليزية «باريل». وربما كان ذلك بسبب كون العرب يعرفون بدائل أخرى للكلمة مثل: القربة والصاع، وأجزم أن المفردة جاءت مع عصر النفط، وهو عصر السرعة واستثمار الوقت بدلا من البحث عن البديل. وكلمة سيف قديمة جدا، جاهلية، قال عنترة: وسيفي كان في الهيجا طبيبا يُداوي رأس من يشكو الصداعا وقال المتنبى: تُهاب سيوف الهند وهي حدائدٌ فكيف إذا كانت نزارية عُربا وظل الجدل البلاغي يدور حول كلمة «حدائد» فالبعض قال إنها «حدائد» لكون كل السيوف من الحديد، لكن سيوف الهند محدودبة والسيف اليماني مستقيم ذو حدّين، وبعض الأدباء نادى بكون المتنبي يقصد سيف الدولة الحمداني. وقال بشارة الخوري (الأخطل الصغير): سيّان عند ابتناء المجد في وطنٍ من يحمل السيف أو من يحمل القلما. وقال نزار: يا ابن الوليد ألا سيف نؤجّرهُ فكل أسيافنا قد أصبحت خشبا بقي أن أُضيف أن كلمة «سيف» أيضا ليست عربية فهي يونانية.csifos