قرأتُ – فيما قرأتُ – أن كلمة "البرلمان" ذات أصل عربي تحوّرت من "برّ الأمان". وأعجب كيف استطاعت أن تصل الى قناعة بعض الأفراد. وشخصيا أعتبر تلك الاجتهادات حشوا فيه من السخف أكثر مما فيه من الجديّة، ولا أتفق مع مبتدعها أو ناقلها. وليسمح لي من لديه ريب أن أقول إن معاجم بسط وتحليل المفردات الأجنبية لم تأت على شيء من هذا الكلام فالكلمة (برلمان) Parliament عم استعمالها باللغة الإنجليزية في العام 1300م ، وكانت تعني "مؤتمر" أو تشاور، أو (أسا مبلي Assembly). أو جمعية تشريعية. جاءت المفردة من الفرنسية في القرن الحادي عشر الميلادي (Parlement ) ، وستُلاحظون اختلاف الهجاء. أما نطقها فالذين يُجيدون الفرنسية من القراء فهو (بار لما) لكون الفرنسية اشتهرت بكتابة حروف لا تُنطق. والمذيعون من أهل لبنان لا زالوا ينطقونها (بارلما). وخلافي مع من يعمد إلى استحداث اشتقاقات مفردة عربية من أخرى أجنبية أو العكس أو طرح أن كلمة parler بالفرنسية تعني "يتحدّث" – من الحديث، والبرلمان هو مكان الحديث والتحدث. وتبنتها اللغة الإنجليزية – تقريبا – كما هي. ويأخذني الحديث إلى طرائف تواجهني عند الكتابة في مواضيع كهذه. فقبل يومين تلقيتُ رسالة، أو لنقل تغريدة بالتويتر من شخص في أمريكا، إثر إدراجي أصل كلمة (برواز) وقلت إنها تركية/فارسية وعندنا ما يُقابله بالفصحى وهي (إطار). قال المُرسل = يابو ذكير العالم ذبح وذبيح وأنت مشغول في أصل كلمة برواز.. حبيبي والله جوّك اليوم محل مفروشات. تقبلتُ ما كتب بقبول حسن. لأن يبدو لي "هذا اللي عنده" وقلت له لا يمنع من أن يأتي الشخص بما يعرف عن هذه المادة أو تلك. وبررتُ ما أقول بما قاله الآباء والأجداد. فالشاعر الشعبي عبدالله بن دويرج مدح أهل عنيزة (وهو من بلدة جفن بالسرّ) فقال: على سامانها لو كان يرمي للحريب إزمور = بواريد(ن) تثور وصوت عُمّالٍ ومحال (ي). والمعنى معروف بأن في زمن الشدة هناك أناس يحاربون، وآخرون يحرثون ويسقون الزروع. وقال الشاعر اللبناني بشارة الخوري، الأخطل الصغير: سيّان عند ابتناء المجد في وطنٍ من يحمل السيف أو من يحمل القلما