تحتل قضية اللغة اهتمام الكثيرين في عصرنا الحالي، رغم أنها قضية قديمة قدم التطور البشرى، فقد ارتبطت اللغة بتطور البشر في العالم، فاللغة هي تلك الرموز والإشارات التي يتعارف عليها البشر في مكان ما أو مجتمع، ويتم من خلالها عمليا التواصل الاجتماعي بصورته البسيطة أو المعقدة، وعلى كافة المستويات سواء بين فردين أو مجموعتين أو حتى المستوى المعقد بين دولة وأخرى، وفى واقع الأمر هناك العديد من اللغات التي تتميز باختلافها عن بعضها البعض سواء من حيث النطق أو الكتابة، إلا أن اللغة دائما ما تحتل مكانة ذات أهمية كبيرة لكونها ترتبط بالثقافة، وكلما ارتقى المستوى الثقافي لمجتمع ما ارتقت معه مكانة لغته الخاصة، فاللغة هي مصدر ومنبع وجود الثقافة، وأشيد بالجهود المخلصة التي بذلها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع من خلال زيارته للعاصمة الصينية بكين، واتفاقه على وضع خطة لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي لجميع المراحل التعليمية في المدارس والجامعات السعودية ضمن اللغات الأجنبية التي يتم تدريسها، وفي الواقع تعتبر هذه الخطوة خطوة استباقية تنبع من رؤية متعمقة لما سوف يتطلبه أبناء المجتمع السعودي في وقتنا الحاضر، ليكونوا قادرين على التفاعل مع المتغيرات الاقتصادية والتجارية العالمية في السوق الدولية عبر تسليحهم بأكثر اللغات تداولا في عالم اليوم، فالصين، أحد أكبر النمور الآسيوية في عالم التكنولوجيا والتصنيع والتجارة مما أتاح الفرص لانتشار الثقافة الصينية التي تؤمن بأهمية العنصر البشرى من خلال عقليته المتميزة ومهاراته، فتعلم اللغة الصينية أصبح ضرورة تقتضيها متطلبات تعاملات السوق العالمي في مجالات عديدة إنتاجية وصناعية، فهناك أكثر من مليار شخص يتحدثون اللغة الصينية وهي تعد من اللغات التاريخية التي ظهرت منذ أكثر من ستة آلاف سنة، وليس كما يدعي البعض أن تعلم اللغة الصينية بمثابة تبعية فمن يدَّعِ ذلك يعتبر ضيق الفكر محدود الرؤية قابعا في ممرات ضيقة تنتهي به إلى المتاهات المظلمة، ولهذا يجب أن نتطلع إلى المستقبل بكل طاقاتنا، وهذا ما يسعى إليه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- هذا القائد الذي يتمتع بالأمل والطموح، ويعرف أن تعلم اللغة الصينية واللغات الأجنبية أمر مهم لتنمية واستثمار الموارد البشرية السعودية التي تتمثل في أجيال الحاضر وأجيال المستقبل، فاللغة تعد وسيلة لرفع معدل الذكاء، فقد أثبتت الدراسات والبحوث أن تعلم اللغات بصفة عامة يثري القدرات العقلية ويرفع من مستوى العمليات العقلية التحليلية، ويعتبر قرار تعلم اللغة الصينية المفتاح الذهبي للانطلاق نحو تحقيق الآمال والطموحات من أجل التنمية المستدامة.