اسمحوا لي أن آخذكم في قراءة هادئة للأبعاد الجديدة على صندوق التنمية العقارية، بعد تحوله منذ عشرين شهرا من مؤسسة مقرضة من رأسمالها إلى مؤسسة تمويلية تمتد شراكاتها عبر «برنامج القرض العقاري» مع البنوك والمؤسسات التمويلية، لتمويل المستفيدين للحصول على المسكن، والمساهمة في زيادة نسبة تملك المواطنين بنحو 60% بنهاية 2020. السؤال، في سياق هذه التحولات: ماذا حقق الصندوق العقاري من مستهدفات التحول لمؤسسة تمويلية؟ لا نريد أن تحمل الإجابة الميول إلى فسطاطي المؤيدين أو المعارضين لتوجهات الصندوق الجديدة، «فخير الأمور أوسطها» - كما يقال! نحتكم «للغة الأرقام» والتي تعد بمثابة القول الفصل الذي يحتكم إليه الجميع، كما أنها الفيصل عند النقاش حول أفضلية نظام على آخر، وهي ثقافة تعتمد عليها الدول المتقدمة عند حساب مراحل التطور، ورسم الأهداف وتحقيق الأداء. فنحن اليوم أمام قفزة نوعية حققها صندوق التنمية العقارية بالأرقام، بدءا بتوقيع 70 ألف عقد تمويل عقاري للمستفيدين من خلال (برنامج القرض العقاري)، بإجمالي دعم يزيد على 2 مليار ريال، مرورا ب1.7 مليار قدمت كقروض حسنة إضافية للعسكريين بالخدمة، وبحسب وصف مشرف الصندوق العقاري، فهذه الأرقام تعد مفصلية بين نظام الإقراض القديم، ونظام التمويل العقاري المدعوم، من خلال البنوك والمؤسسات التمويلية المشاركة في البرنامج. فمنذ انطلاق برنامج «القرض العقاري» في عام 2017، وحتى آخر دفعة تم الإعلان عنها في يناير 2019، أعلن البرنامج عن 25 دفعة ضمت 285 ألف قرض عقاري مخصص للمستفيدين المسجلين في قوائم انتظار الصندوق، وبلا شك فإن هذه الأرقام وارتفاع أعداد المستفيدين المعلن عنهم يعد مؤشرا إيجابيا لتسريع عجلة تملك المواطنين للسكن، وخاصة إذا ما تمت مقارنة ذلك بسنوات الانتظار الطويلة التي ينتظرها المستفيد لتملك مسكنه في الماضي. كما انخفضت قوائم انتظار المستفيدين بنسبة 75% مع مطلع العام الحالي، وجاء ذلك على وقع تفعيل المنتجات والبرامج لدى الجهات التمويلية، وإطلاق خدمة «المستشار العقاري» والحملات البيعية، بالإضافة إلى الحملات التوعوية التسويقية، حيث كان لبرامج الوزارة والصندوق انعكاسها على تسارع نمو سوق التمويل العقاري في شهر يناير 2019 بنسبة 258٪ مقارنة بنفس الشهر في 2018. كما كشف تقرير لشركة «جدوى» للاستثمار، عن توقعاتها تسجيل القطاع العقاري في المملكة نموا بمقدار 2.7% خلال العام الجاري، ليشكل القطاع 9.4% من الناتج الإجمالي المحلي غير النفطي، وأرجعت «جدوى» ذلك إلى تنوع الخيارات التي طرحها برنامج «سكني»، عبر تقديم خيارات سكنية متنوعة. وتعد هذه أفضل الطرق لتملك المواطنين لمساكنهم بسبب برامج وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقارية، وتحقيقهما للأهداف المتعلقة ببرنامج تطوير القطاع المالي، لذلك فإن كل الأرقام السابقة تضعنا أمام حقيقة واضحة مفادها أن الصندوق ماضٍ في طريق تنفيذ توجيهات القيادة، وتوفير سبل تملك المواطنين للمسكن الأول، ورفع نسبة المواطنين المتملكين للمنازل إلى 60% بنهاية 2020 والوصول إلى 70% في 2030.