هذا المقال ليس لي وإنما لنورة القصيمي. وهي طالبة، على وشك التخرج من قسم الإعلام، حضرت معي ورشة عمل عن (فن المقال الصحفي)، وكانت من أبرز الموهوبات في تحدي كتابة المقال في نصف ساعة. بعد أيام من انتهاء الورشة أرسلت لي المقال التالي الذي يستحق النشر هنا لجودته ولموهبة صاحبته الواضحة. إليكم مقال نورة بدءاً من عنوانه: لماذا نحضر الحفلات الغنائية؟! يتساءل البعض بسخرية في بعض الأحيان «وش الفايدة من إنكم تروحون لحفلة تقدرون تسمعونها بالجوال والتلفزيون؟ غير الخساير والمشاوير». من يقرأ هذا التساؤل لأول مرة قد يراه منطقيًا، ولا يوجد أي جواب من الممكن أن يدحضه أو على الأقل يقلل من منطقيته، لكنني كمتذوقة للفن بشكل عام وللغناء بشكل خاص، أرى أن تجربة الحضور إلى حفلة موسيقية، لفنان تحبه وتعجب بما يغني، هي تجربة عميقة ومفيدة، وتختلف كثيرًا عن الاستماع له خلف شاشة الجوال أو التلفزيون. قد يتبادر إلى أذهانكم سؤال: طيب ليه؟ فسأقول لسببين، أولًا قرب المسافة، يخلق حميمية أكبر، فرؤيتك لفنانك المفضل والاستماع له على بعد مليمترات قليلة، يتيح لك التفاعل التلقائي معه مما ينعكس على شعورك بالكلمات والألحان الذي سيكون مضاعفًا. وسأقول ثانيًا التجربة الجماعية التي تضفي المشروعية والثقة على ما تفعل، كما أنها تتيح لك المشاركة المتبادلة، وبالتالي زيادة في ردات الفعل الإيجابية والمبتهجة وإشباع الحاجات الإنسانية، باختصار، ستتمكن من الإفصاح عما تشعر به بطريقة أفضل وستشبع حاجتك. إذن المسألة نفسية بالدرجة الأولى، يثبتها علماء النفس، وتثبتها التجربة على أرض الواقع وعطفًا على ذلك فهي ليست مضيعة للمال والجهد. يقول البعض بهدوئي، مما لا يدع لهم تصورًا في يوم من الأيام أن أتصرف خلافًا لذلك، لكن أثناء حضوري حفلة فنان العرب بالأحساء، وتحديدًا في مقطع أغنية الغيم يا سدرة الغرمول، القائل فيه (ودواك يم الحسا صعبٍ عليّا) لم تتمالك يداي نفسها أثناء استقبالي لموجة الطرب والتفاعل الجماهيري آنذاك، فبدأت بالتمايل دون أن أشعر!