ساهم الرهن العقاري في الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي أدت إلى إفلاس عدد كبير من المؤسسات المالية والشركات العقارية في الولاياتالمتحدة التي نهجت سياسة الرهن العقاري في الإقراض. وقد كان لأزمة الرهن العقاري دور أساسي كبير في الركود الاقتصادي العالمي وتراجع النمو الاقتصادي لأكبر اقتصاد في العالم والمتمثل في الاقتصاد الأمريكي الذي تتبعه اقتصادات دول أخرى ذات علاقة مباشرة وقوية به. ولفهم الرهن العقاري أرى أهمية تعريفه فهو أداة اقتراض لتسهيل الحصول على سكن لمن لا يستطيع دفع قيمته كاملة، بحيث يرهن المقرض بموجبه العقار ليضمن تسديد القرض في دفعات ومدة زمنية محددة. وأرى أهمية تسهيل الإجراءات وسرعتها للحصول على القرض مع التقييم الموضوعي والدقيق لإمكانيات التزام المقترض بالدفعات المستحقة في وقتها وإلا فإن ما رهنه سيكون تحت تصرف الجهة المالية المقرضة لتسديد ما بقي من القرض. وهنا تبرز أهمية وضرورة تقييم قيمة العقار بما يتناسب مع المبلغ المقترض والقدرة المالية للمقترض على التسديد. تخصصت شركات في الرهن العقاري من حيث التقييم سواءً للقرض أو المقترض لتقديم الاستشارات للمقترضين والمؤسسات المالية المقرضة. وللرهن العقاري فوائد كثيرة، فهو يوفر السيولة النقدية للمقترضين الراغبين في الحصول على سكن في حال عدم استطاعتهم تسديد قيمة السكن كاملة. وسيحفز الرهن العقاري على زيادة الطلب في سوق العقارات نتيجة التوسع والنمو. وسيكون بإمكان السعوديين امتلاك المسكن الذي يناسب قدراتهم المالية. وسيكون لنظام الرهن العقاري تأثير إيجابي على الجوانب المرتبطة بالطلب على السكن مثل زيادة الطلب على الإسمنت والأدوات الكهربائية والأصباغ والحديد والمواد الإنشائية الأخرى. وسيكون نظام الرهن العقاري إطارا قانونيا ملزما لحفظ حقوق الأطراف المتعاقدة من مقترضين ومؤسسات ممولة. وسيساهم نظام الرهن العقاري في سهولة وسرعة القروض ويقلل من البيروقراطية في الإجراءات. ولا نقلل من فائدة كبيرة يقدمها نظام الرهن العقاري عندما يتم تقييم العقار قبل تمويله بطريقة موضوعية، وذلك من قبل أفراد ومؤسسات مهنية متخصصة. وسيسهم نظام الرهن العقاري في خفض إيجارات العقارات في المدى البعيد بسبب زيادة عدد المواطنين القادرين على امتلاك سكنهم الخاص. وأتوقع أنه سيكون لنظام الرهن العقاري تأثير إيجابي يخدم المستأجرين بصيغة أكثر قانونية، بل سيخدم الجهات الحقوقية الحكومية لحفظ حقوق الأطراف المتعاقدة، وسنرى ذلك بعد فترة طويلة من تطبيق النظام ونضوجه. يحتاج نظام الرهن العقاري لوضع النقاط على الحروف في ما يخص كيفية التعامل مع المتعثرين عن تسديد القروض العقارية ما يزيد من تخوف وحذر المصارف السعودية تجاه إقراض الراغبين في الحصول على قروض للحصول على مساكن؛ لأن غالبية المقترضين من الطبقة متدنية الدخول التي يمكن أن تتعثر في تسديد القروض ما يجعل المصارف في مأزق مالي صعب. ونتيجة لارتفاع الطلب على السكن في حال تطبيق الرهن العقاري من غير احتراز فإنه من المتوقع أن ترتفع أسعار المنازل والعقارات في المدى القصير، لكنها ستستقر في المدى البعيد والمتوسط، لذلك يجب ألا يكون تقييمنا للتأثير الإيجابي لنظام الرهن العقاري في المدى القريب؛ لأن ذلك لن يساعد على تزايد الثقة في نظام الرهن العقاري. الخلاصة يمكن أخذ الدروس والعبر مما حدث في الولاياتالمتحدة في عمليات الإقراض وهو أن الكثير من مؤسسات الإقراض تساهلت وأهملت في تطبيق سياسات وإجراءات ومحاذير الإقراض التي قررتها فني مي وفردي ماك اللتان تنظمان عملية الإقراض بموافقة وتوجيه من الجهات الحكومية الأمريكية.