لقد كثر الحديث حول قروض السكن والرهن العقاري في السنوات العشر الأخيرة، خاصة بعد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي ساهمت في افلاس عدد كبير من المؤسسات المالية والشركات الصناعية في الولاياتالمتحدة وبعض الدول التي نهجت سياسة الرهن العقاري في الإقراض. الرهن العقاري أداة اقتراض لتسهيل الحصول على سكن لمن لا يستطيع دفع قيمته كاملة، بحيث يرهن المقترض بموجبه العقار ليضمن البنك المقرض تسديد المقترض للقرض في دفعات ومدة زمنية محددة. وبصفة عامة فإن نظام الرهن العقاري يعتبر الصيغة القانونية لتنظيم العلاقة بين المقترضين والمؤسسات المالية المقرضة، وذلك للحصول على سكن. ونرى أهمية تسهيل الإجراءات وسرعتها للحصول على القرض مع التقييم الموضوعي والدقيق لامكانيات التزام المقترض بالدفعات المستحقة في وقتها وإلا فإن ما رهنه مقابل القرض سيكون تحت تصرف الجهة المالية المقرضة لتسديد ما بقي من القرض. وهنا تبرز أهمية وضرورة تقييم قيمة العقار بما يتناسب مع المبلغ المقترض والقدرة المالية للمقترض. ولقد تخصصت شركات في الرهن العقاري من حيث التقييم سواءً للقرض أو المقترض لتقديم الاستشارات للمقترضين والمؤسسات المالية المقرضة. وللرهن العقاري فوائد كثيرة فهو يوفر السيولة النقدية للمقترضين الراغبين في الحصول على سكن في حال عدم استطاعتهم تسديد قيمة السكن كاملة. وسيحفز الرهن العقاري على زيادة الطلب في سوق العقارات نتيجة التوسع والنمو. وسيكون بإمكان السعوديين إمتلاك المسكن الذي يناسب دخولهم وقدراتهم المالية. وسيكون لنظام الرهن العقاري تأثير ايجابي على الجوانب المرتبطة بالطلب على السكن مثل زيادة الطلب على الاسمنت والأدوات الكهربائية والاصباغ والحديد والمواد الإنشائية الأخرى. وسيكون نظام الرهن العقاري إطارًا قانونيًا ملزمًا لحفظ حقوق الاطراف المتعاقدة من مقترضين ومؤسسات ممولة. وسيساهم نظام الرهن العقاري في سهولة وسرعة القروض ويقلل من البيروقراطية في الإجراءات. ولا نقلل من فائدة كبيرة يقدمها نظام الرهن العقاري عندما يتم تقييم العقار قبل تمويله بطريقة موضوعية، وذلك من قبل أفراد ومؤسسات مهنية متخصصة. وسيسهم نظام الرهن العقاري الجديد في خفض ايجارات العقارات في المدى البعيد بسبب زيادة عدد المواطنين القادرين على امتلاك سكنهم الخاص. وأتوقع أنه سيكون لنظام الرهن العقاري تأثير إيجابي يخدم المستأجرين بصيغة أكثر قانونية، بل سيخدم الجهات الحقوقية الحكومية لحفظ حقوق الأطراف المتعاقدة، وسنرى ذلك بعد فترة طويلة من تطبيق النظام ونضوجه. وهناك علاقة طردية غير مباشرة بين نظام الرهن العقاري وسوق التأمين على الممتلكات العقارية والذي اتوقع له التوسع والنمو بعد فترة من تطبيق نظام الرهن العقاري. ويجب أن الفت انتباه القارئ إلى أن نظام الرهن العقاري سيعيد النظر في هيكلة سوق العقارات في المملكة، بل سنرى نموًا عمرانيًا متسارعًا من حيث إنشاء مدن جديدة في المدى البعيد بسبب توفر السيولة المالية لدى المواطنين، وذلك بشرط أن يدار نظام الرهن العقاري بشكل صحيح. والحقيقة أن نظام الرهن العقاري الجديد في المملكة لم يضع النقاط على الحروف في ما يخص كيفية التعامل مع المتعثرين عن تسديد القروض العقارية ما يزيد من تخوف وحذر المصارف السعودية تجاه اقراض الراغبين في الحصول على قروض للحصول على مساكن لأن غالبية المقترضين من الطبقة المتدنية الدخول والتي يمكن ان تتعثر في تسديد القروض ما يجعل المصارف في مأزق مالي صعب، لذا يجب أن نستفيد من تجارب الدول التي نجحت في تطبيق نظام الرهن العقاري آخذين في الاعتبار تعاليم ديننا وقيمنا وأنظمتنا التي تنظم العلاقة بين المقرض والمقترض. ونتيجة لارتفاع الطلب على السكن بعد تطبيق نظام الرهن العقاري فإنه من المتوقع أن ترتفع اسعار المنازل والعقارات في المدى القصير، لكنها ستستقر في المدى البعيد والمتوسط، لذلك يجب ألا يكون تقييمنا فقط للتأثير الإيجابي لنظام الرهن العقاري في المدى القريب لأن ذلك لن يساعد على تزايد الثقة في هذا النظام الجديد في المملكة.