في الجبيل، يوم الأربعاء الماضي، رأيت شباباً من الجنسين زي الورد؛ وفهمت حينها ما معنى أن يكونوا بهذا الجمال وهذا العبق الذي يُدخل السرور على القلب. كان ذلك أثناء إنعقاد ندوة وظائف المستقبل التي نظمتها مجلة القافلة بالتعاون مع الهيئة الملكية هناك. حضور وحماس كبير اكتظت به القاعة التي استضافت الندوة. ولَم يكن طلاب الثانويات الصغار أقل، في حضورهم وحماسهم، من طلاب الجامعات والكليات. ولو أننا أطلنا النقاش، الذي بدأ في الساعة الثامنة، لخرج علينا الصبح والشباب والبنات ما زالوا يتدفقون طاقة وتعليقات وأسئلة. أكثر ما لفت نظري في المداخلات الجرأة على النقد والاعتراض، وإبداء وجهات نظر تناقض أحياناً وجهات نظر المحاضرين الذين أبدعوا في عروضهم وتعليقاتهم على مداخلات وأسئلة الشباب. من الواضح جداً أن شبابنا باتوا يجيدون التعامل مع قضاياهم وهمومهم دون تردد أو شعور بالاستسلام المطلق لآراء الكبار الذين يكنون، بطبيعة الحال، كل احترام وتقدير لإخلاصهم وخبراتهم. من بين البنات من سألت سؤالاً مهماً ولافتاً عن لماذا يُربط المستقبل دائماً بالوظائف التقنية البحتة وكأن هذا المستقبل سيخلو من الوظائف الإبداعية الناعمة مثل الفنون الموسيقية والتشكيلية وفنون الكتابة.؟ والإجابة على هذا السؤال الكبير ستجدونها في مجلة القافلة التي ستنشر حصرياً ما دار في هذه الندوة. زبدة القول أنني رأيت هناك شباباً استثنائياً؛ ورأيت (التفكير الناقد)، الذي طالما دعونا إليه وسعينا إليه، متجسداً بقوة في أسئلتهم ومداخلاتهم واعتراضاتهم، الأمر الذي يبعث على الطمأنينة على مستقبلهم ومستقبل وطنهم.