يشهد الاقتصاد السعودي منذ عامين مرحلة تغيير وتحول جذري اتسم بإعادة تشكيل النظام الاقتصادي، وتعزيز مبادئ الحوكمة وفرض الشفافية، وهو ما تزامن أيضا مع موجة تغييرات وتحولات يعج بها اقتصاد المنطقة والعالم أجمع، بالإضافة إلى التغييرات السياسية الإقليمية والتي تلعب دورا كبيرا في الاقتصاد. إن التحول وإعادة تشكيل أي اقتصاد أو حتى عمليات إعادة الهيكلة في القطاع الخاص والحكومي ليس أمرا يسيرا، وينطوي على الكثير من التحديات والمخاطر كما أنه في الغالب يجابه بالرفض والمقاومة وهي طبيعة البشر التي ترفض التغيير. اليوم المملكة تشهد تحولا جذريا وإعادة تشكيل للصورة كاملة تشمل كافة مناحي الحياة، والكثير من مكوناته ذات طابع احترافي ساهم باستقامة في التوجه والآلية والتنفيذ وبالأخص فيما يتعلق بالاقتصاد والسياسة. وبحكم خبرتي العملية التي امتدت لأكثر من عقدين قضيت منها أحد عشر عاما في عمليات التحول وإعادة هيكلة القطاعات، فإنه يمكنني الجزم بأن منظومة التحول تعتمد بشكل رئيسي على ثلاثة محاور: (إدارة التغيير، إعادة الهيكلة، وإدارة الأزمات)، حيث يبدأ العمل باللبنة الأولى لعملية (التحول) في تكوين فريق العمل ورسم الخطط الإستراتيجية والأهداف وهو ما يسمى (إدارة التغيير)، ثم يبدأ الفريق في العمل الذي يشمل تنفيذ الخطط وتغيير القيادات والسياسات وفرض واقع التحول وهو ما يطلق عليه (إعادة الهيكلة)، لتأتي بعده عمليات (إدارة الأزمات) من خلال التعامل مع أي أزمة تنشأ أثناء تطبيق الخطوات المرسومة أو تغيير بعض الخطط أثناء هذه العملية. والجميل في الأمر أن الحكومة انتبهت لأهمية هذا التوجه، وسعت إلى تدريب وتطوير وتثقيف القيادات؛ للتماشي مع هذا النهج، ولذلك قامت بعقد الكثير من المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تهتم بهذا العلم المتعلق بالتحول بكافة أشكاله الثلاثة (إدارة التغيير، إعادة الهيكلة وإدارة الأزمات)، وآخر هذه البرامج هو (المؤتمر الثامن لإدارة التغيير) الذي يعقد في الرياض بداية شهر مارس المقبل لهذا العام.