قبل عدة أيام تابع العالم زيارة تاريخية قام بها بابا الفاتيكان البابا فرانسيس رئيس الكنيسة الكاثوليكية، وهذه الزيارة قد تفتح أبوابا أوسع للتحاور بين الأديان في العالم. وهذا الحدث أعاد الحديث عن أمر مماثل بدأ عندما قام أحد الأساقفة التابعين للكنيسة الكاثوليكية واسمه «جون نولان» باهتمام كبير بقضايا اللاجئين الفلسطينيين في الستينيات الميلادية، وقام بتسليط الضوء عليهم ومساعدتهم للحصول على المعونات الدولية. وقد ترسخت الفكرة أكثر لديه عندما ترسخت علاقته أثناء تواجده في لبنان مع أحد كبار موظفي شركة أرامكو، والذي أصبح لاحقا رئيسا للشركة وهو السيد «فرانك جونغر». وقد كانت وجهات نظرهم متطابقة حيال ضرورة مساعدة اللاجئ الفلسطيني وضرورة حل القضية الفلسطينية من خلال الضغط على إسرائيل عن طريق الفاتيكان. وقد كان الأسقف «جون نولان» سبق أن زار مدينة الظهران، وتولدت فكرة أهمية فتح قنوات اتصال بين المملكة العربية السعودية والفاتيكان؛ كونه يعرف مدى التأثير الذي ممكن أن تحدثه المملكة على الصعيد الدولي. وأصبح الأسقف الكاثوليكي مألوفا في ردهات مكاتب أرامكو؛ بسبب نشاطه ودوره في مساعدة الفلسطينين وإيجاد فرص تعليمية كثيرة، خاصة بعد افتتاح جامعة بيت لحم. وتكللت الجهود بالنجاح حيال فتح قنوات اتصال بين المملكة والفاتيكان. وجاء وفد من الفاتيكان لمدينة الرياض في ضيافة وزارة العدل السعودية في العام 1972م برئاسة الكاردينال «سيرجيو بكندولي» بترشيح من البابا «بوليس السادس». وفي العام 1974م قام وفد من المملكة برد الزيارة عندما أوفد جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - عدة شخصيات برئاسة الشيخ محمد الحركان وزير العدل، والذي استقبلهم البابا السادس في زيارة تعتبر إلى الآن أحد أهم اللقاءات التي تمت كحوار بين الأديان. وكانت هناك فكرة لاحتمال قيام بابا الفاتيكان بزيارة المملكة لكي يتم فتح العلاقة المباشرة لتوسيع دائرة الحوار بين الأديان، والعمل على نزع فتيل الصراع الدائم في الشرق بين العرب وإسرائيل، خاصة أن حرب عام 1973م جعلت الفرص مواتية أكثر للسلام. ولكن وبعد وفاة جلالة الملك فيصل - رحمه الله - حصل تباطؤ في استمرارية الحديث عن خطوات التقارب، وسط ظروف إقليمية لم تكن مواتية في ذلك الوقت. ولكن أوضحت تلك الأحداث وفكرة تبادل الزيارات وحوار الأديان، ما تتمتع به المملكة من مكانة وقدرة التأثير على مجريات الأحداث الإقليمية والدولية.