أعلن معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية عن صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على مبادرة الفاتورة المجمعة ضمن خطة تحفيز القطاع الخاص، وهذا الخبر الإيجابي سيكون داعما للقطاع الخاص؛ تماشيا مع انطلاق العديد من مبادرات وزارة العمل، والتي تستهدف التوازن لحماية العامل وصاحب العمل، حتى يكون القطاع الخاص شريكا قويا للتنمية ويساهم بشكل حقيقي في الناتج المحلي. القصة بدأت بتوجه العديد من منشآت القطاع الخاص لتجديد رخص العمل وإقامات موظفيها في عام 2017م قبل تطبيق قرار رفع رسوم المقابل المالي تدريجيا كما هو معلن في برنامج التوازن المالي، وكان هناك فترات تداخل لرخص العمل بين عامي 2017م و2018م، ومن ثم قامت وزارة العمل بجمع تلك الفروقات من الرسوم ووضعها في فاتورة واحدة للمنشآت حتى يتم سدادها، وأسمتها «الفاتورة المجمعة» مع تحديد وقت لم يكن بالكافي لسدادها في ظل ظروف كانت فيها السيولة ضعيفة لدى كثير من المنشآت والتدفقات النقدية كانت ضعيفة والتحصيل كان في أدنى مستوياته، وبعد فترة قصيرة من تولي معالي وزير العمل لحقيبة الوزارة أصدر قرارا صحيا بتميد مهلة السداد، وتوقعي الشخصي بسبب الحاجة لمراجعة تأثيره على القطاع الخاص. شخصيا أتفق مع التوجه لتقليل الفجوة بين تكاليف توظيف العامل السعودي وغير السعودي، ولكن بشرط مراعاة نوعية الوظائف والأنشطة، وبالرجوع لنشرات سوق العمل بعد الإعلان عن رفع رسوم المقابل المالي نجد أن هناك علاقة طردية بين انخفاض عدد المشتغلين السعوديين وغير السعوديين، وذلك يعني غياب لأي تأثير إيجابي عند رفع رسوم المقابل المالي في عملية زيادة عدد المشتغلين السعوديين وفقا للأرقام المعلنة. كقراءة لإحصائيات سوق العمل أرى أنه لن يكون هناك أي تأثير إيجابي خاصة في «التوظيف النوعي للسعوديين» إلا بعد ربط المقابل المالي بمصفوفة المهن والتفرقة بين نوعية الوظائف، ولا يوجد أي مبرر لمساواة رسوم المقابل المالي على العامل العادي بالدكتور أو المهندس على سبيل المثال، ولذلك من المهم أن تكون الرسوم تعتمد على نوعية الوظائف في سوق العمل. هناك العديد من التجارب العالمية المميزة في حماية العمالة المحلية من المنافسات غير العادلة؛ بسبب العمالة الوافدة التي كانت تقبل بأجور متدنية، ومن أشهر تلك التجارب كانت «التجربة السنغافورية» والتي يختلف طبيعة وتركيبة اقتصادها عن الاقتصاد السعودي، وأي تجربة عالمية في سوق العمل لا يمكن ضمان نجاحها عند استنساخها على السوق السعودي، فالتجربة السنغافورية على سبيل المثال من أنجح التجارب لحماية العمالة المحلية ولكن لا يعني ذلك أن تطبيقها حرفيا بالسوق السعودي سيكون ناجحا، فنحن في اقتصاد لا يوجد فيه حد أدنى للأجور، وتركيبة السوق مدمنة على الوظائف متدنية الأجر والوظائف التكميلية التي قد تقضي التكنولوجيا على أغلبها في أي وقت مستقبلا. في السوق السعودي نحتاج لإعادة النظر في إستراتيجية حماية العمالة المحلية، ولكن بطريقة مغايرة لما قامت به سنغافورة، ومن المهم أن تكون الإستراتيجية تُفرق بين «الوظائف التي من الصعب توظيف السعوديين فيها» و«الوظائف التي بالإمكان توظيف السعوديين فيها»، بالإضافة لمراعاة طبيعة الأنشطة حتى ننجح في توظيف السعوديين في الوظائف المتوسطة وما فوق، ونصل إلى زيادة عدد المشتغلين السعوديين في الوظائف القيادية. تعيين معالي المهندس أحمد الراجحي وزيرا للعمل يعتبر قرارا حكيما من القيادة السعودية، فوجود وزير للعمل مطلع على التحديات التي يواجهها المستفيدون من خدمات الوزارة سيسهل في التغلب على كثير من التحديات التي يواجهها القطاع الخاص، وهذا ما لمسناه من التحرك السريع الإيجابي في العدديد من المبادرات التي أطلقتها وزارة العمل منذ تعيين الوزير.