في الاسبوع الماضي أعلنت وزارة العمل عن إعادة خدمة تعديل المهن بالقطاع الخاص، وذلك تمهيداً لتطبيق الخدمة بضوابط وفقاً للمعايير الجديدة «مصفوفة المهن» مع بداية العام الهجري المقبل، وكما هو مُعلن سيتيح النظام خدمة التكامل مع الهيئات الأخرى كالهيئة السعودية للمهندسين، والتخصصات الصحية، والمحاسبين القانونيين، حتى يتم التحقق من حصول العامل على شهادة مزاولة مهنة، إذا كانت المهنة الجديدة من المهن التابعة لتلك الهيئات. إيقاف خدمة تعديل المهن في الوقت السابق أدى لشلل في سوق العمل، والوزارة لم توضح أي أسباب مقنعة لإيقاف الخدمة والذي كان كمفاجأة غير سارة للسوق، وتوقيت هذا الإيقاف لم يكن مناسبا مع إصلاحات السوق التي تعمل عليها الوزارة في ذاك الوقت، وإعادة هذه الخدمة سيكون لها انعكاسات إيجابية كبيرة في سوق العمل، فالوقت الآن مهم لإعادة هذه الخدمة خاصة مع المرحلة المقبلة التي تم الإعلان عنها فيما يخص توطين بعض الانشطة حتى يتضح وضع العمالة الوافدة فيها، ويتم تنظيم وجودهم في السوق السعودي وفقاً للأنظمة. المميز في خبر إعادة خدمة تعديل المهن أنها ستكون مرتبطة بضوابط وفقاً لمصفوفة المهن التي تعمل عليها الوزارة، والمقصود بمعيار «مصفوفة المهن» أن الوزارة ستتيح تعديل المهن بناء على التصنيفات المهنية والتفريعات المتصلة بكل مهنة رئيسة بناء على الاعتماد على تصنيفات دولية، وبمعنى أوضح «حصر مسميات الأعمال والمهن وترتيبها وتبويبها في مصفوفات متدرجة هرمياً بهدف توفير لغة تفاهم مشتركة تتعلق بالهياكل المهنية وتعتمد على عناصر رئيسية مثل مرجعية المجال العلمي والمعرفي والآلات المستخدمة على سبيل المثال»، وكوجهة نظر شخصية أرى أن تطبيق ذلك يعني أننا نسير بطريق واضح لتقسيم الوظائف بسوق العمل والتفرقة بين الوظائف التكميلية والتطويرية حتى يكون هناك وضوح لمصطلح الوظائف اللائقة المذكور في الهدف الإستراتيجي الثامن لوزارة العمل في برنامج التحول الوطني. كقراءة لمعطيات السوق، بعد توجه وزارة العمل للاعتماد على «مصفوفة المهن»، أعتقد ان المرحلة المقبلة سيكون فيها إعادة النظر حتى في رسوم المقابل المالي وذلك بالاعتماد على تقسيم الوظائف بالمصفوفة، وأنا أتفق مع وجود رسوم للمقابل المالي على توظيف الوافدين ولكن بربطها على نوعية المهن والأنشطة وذلك بالتفرقة بين «الوظائف التي من الصعب توظيف العمالة المحلية فيها» و«الوظائف التي يتوافر فيها أيد عاملة محلية». هناك فرق بين وظائف «الياقات الزرقاء» ووظائف «الياقات البيضاء»، ولتوضيح الفرق بينهما بشكل مبسط نجد أن الموظفين أصحاب «الياقات الزرقاء» يعملون بالوظائف الأقل تصنيفاً وغالباً تكون وظائف تكميلية وهامشية ليس لها مسار وظيفي واضح، أما الموظفون أصحاب «الياقات البيضاء» فيعملون في وظائف ذات أجور لائقة وفي بيئة عمل منظمة، وهذا ما يجعلني مؤيداً لإعادة النظر في آلية تطبيق رسوم المقابل المالي بربطها بنوعية الوظائف والأنشطة، فعلى سبيل المثال تكون الرسوم أعلى كلما ارتفع تقييم الوظيفة بالمصفوفة والعكس صحيح حتى يكون هناك تغيير كبير في هيكلة سوق العمل لتشجيع توظيف السعوديين في الوظائف المتوسطة وما فوق. الاعتماد على «مصفوفة المهن» في التوجهات القادمة هو الأساس عند التعامل مع قضية البطالة وليست الرسوم، ولو كانت الرسوم هي الحل الرئيسي لقضية البطالة لوجدنا أن عدد المشتغلين السعوديين عند تطبيق الرسوم في الربع الأول من هذا العام ارتفع بشكل واضح في نشرة سوق العمل، فالعلاقة كانت طردية واضحة بين خروج مشتغلين سعوديين ووافدين بنفس الوقت، وحتى نصل لعلاقة عكسية بينهم نحتاج للاعتماد على مصفوفة المهن بالوقت الحالي. ختاماً، ننتظر العمل الفعلي للملحقيات العمالية التي تم اقرارها قبل فترة، فوجود تلك الملحقيات سيسهل الكثير من الفلترة قبل وصول العمالة الوافدة للسوق السعودي حتى لا نكون مركزاً لتدريب الغير.