بعد مناقشته للتقرير السنوي لوزارة التعليم أقر مجلس الشورى توصيات هامة لرفعها للمقام السامي تمهيدا لاعتمادها وتنفيذها ومنها إعادة النظر في إستراتيجية إصلاح التعليم، وتبني خطة موحدة للمبادرات التعليمية، وتبني برنامج وطني لرفع معنويات المعلمين والمعلمات مما يعزز انتماءهم لمهنة التعليم وأداءهم لرسالته السامية، إلى جانب توصيات أخرى ضرورية للوصول بالتعليم العام والتعليم العالي إلى المستوى الذي يليق بمكانة المملكة وطموحات قيادتها وأبنائها والاهتمام الذي توليه القيادة للتعليم وما تخصص له من ميزانيات قياسية، ومن ذلك التزام الجامعات بمعايير تعيين الأساتذة بما يحقق العدالة وتساوي الفرص، ويضمن استقطاب العناصر التي لديها ما يتطلبه التعليم المعاصر من كفايات ومهارات وكفاءة. وإذا كان حرص المجلس على القيام بدوره الرقابي هو في حد ذاته مؤشر جيد على العمل المؤسسي والحس العالي في تحمل المسؤولية وأدائها، فإن نوعية التوصيات والمجالات التي تلامسها تدل على احترافية ومتابعة هي نتيجة طبيعية لحسن اختيار أعضاء المجلس وكفاءتهم ومتابعتهم، لا سيما أن معظمهم من الخبراء والمختصين ومن بينهم أيضا العديد من الذين أمضوا سنوات في مهنة التعليم العالي أو القيادات التربوية في التعليم العام أو كليهما؛ توحي بذلك الالتفاتة إلى ضرورة إعداد دراسة علمية عن القيمة المضافة لأعمال شركة تطوير التعليم منذ تأسيسها حتى الآن، ودعوة هذه الشركة للتنسيق مع هيئة تقويم التعليم لتقديم تقرير دوري ومفصل عن حالة التعليم العام والتعليم العالي في المجالات المعرفية والمهارية، وهذه التفاتة أخرى للجانب المهاري في العملية التعليمية، وأن يكون ذلك وفق مؤشرات أداء محددة حتى يكون القياس علميا وصحيحا ويعطي نتائج دقيقة، ويمكن صاحب الصلاحية من اتخاذ القرارات المناسبة التي تحقق المصلحة العامة. أما الدعوة التي أطلقها المجلس لإنشاء هيئة البحث العلمي والابتكار، فهي استجابة للكثير من الأصوات التي طالما شكت من غياب جهة تشجع الباحثين والمخترعين من الشباب والشابات، الذين تضيع الكثير من ابتكاراتهم ضحية الإجراءات البيروقراطية وعدم وجود من يتبنى أفكارهم ومخترعاتهم، خاصة أن هناك مؤشرات عديدة على تسجيل الكثير من أبنائنا اختراعات محليا لدى مدينة الملك عبدالعزيز للتقنية، أو حتى لدى جهات خارجية أيضا وخسارة البعض الآخر لعدم تمكن أصحابها من ذلك. ولم يفت المجلس التوصية ببناء خطة وطنية واضحة المعالم لتنمية المواهب والتميز والإبداع والعناية كميا ونوعيا بالخدمات المقدمة للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنح الحوافز للقطاع الأهلي للاستثمار في تقديم هذه الخدمات. ودعوة الوزارة إلى بناء برنامج وطني لنشر الوعي الفكري ومحاربة الأفكار الضالة يشمل مراحل التعليم العام والتعليم العالي بمؤسساتها المختلفة، ورفع معايير التعاقد مع أعضاء هيئة التدريس غير السعوديين في الجامعات الحكومية والأهلية، والتوسع بالمنح الدراسية الداخلية لزيادة عدد الملتحقين بالتعليم العالي، واستحداث جامعات جديدة في المحافظات، وتعيين خريجي كليات المجتمع. ولا شك أن المتتبع لهذه التوصيات يلاحظ شمولها الجوانب التي تحقق إصلاح التعليم، وجعله أكثر قدرة على تحسين المخرجات ومواءمتها مع حاجات خطط التنمية من الكوادر البشرية، وتفادي تكدس الخريجين في بعض التخصصات وما يعانيه خريجو هذه التخصصات من البطالة، وبذلك فإن المقترحات التي أقرها المجلس هي بحق خارطة طريق لإصلاح حقيقي للتعليم يحقق تطلعاتنا جميعا مسؤولين ومواطنين، لا سيما أن في وزارة التعليم قيادات مخلصة وكفؤة تحرص على وضعها موضع التنفيذ باعتبار إصلاح التعليم مسؤولية وطنية نتحملها جميعًا.