أظهرت تقارير مجلس الشورى وقراراته على تقارير الأداء السنوية المتتالية لوزارة التعليم منذ العام 1436 قلقه الدائم من أداء الوزارة وتواتر تدني أداء مستوى التعليم بشكل عام، ويؤكد أحدث تقرير لوزارة مطالبات بنظام تقييم يركز على كيفية اكتساب المعارف والمهارات وتوظيفها التعليم يشخص العام المالي 391440 يناقشه الشورى يوم غدٍ الاثنين، استمرار عدم رضا المجلس عن أداء الوزارة، فقد انتقدت لجنة التعليم والبحث العلمي خلال دراسة تحليلية أجرتها وانتهت إلى ثماني توصيات، الجهود المتعلقة بأداء الطلبة عموماً في التعليم العام والتعليم الجامعي وأداء الجامعات في المجالات البحثية وأنها لا تحقق الطموحات التي خطتها رؤية المملكة، معبرةً عن أسفها عن تدني مستوى التعليم، وهو ما يستدعي أكثر من مجرد القيام بتحسينات في مكونات النظام التعليمي، بل يتطلب الأمر التحرك نحو إعادة النظر في منظومة التعليم بشكل متكامل وشامل، وإعادة النظر في منهجيات التعليم والتعلم التي تنتهجها في مدارسها، وكما نشرت "الرياض" فقد طالبت لجنة الشورى بدراسة فصل مؤسسات التعليم الجامعي في وزارة مستقلة للتعليم العالي والبحث العلمي، وتقييم النتائج المتحققة للشراكات والاتفاقات التي أبرمتها الجامعات مع جهات وجامعات محلية وأجنبية في ضوء قلق شوري مستمر من تراجع جودة التعليم العام التكاليف من جهة محايدة، وتقديم تقرير مفصل للمجلس حول ذلك، والتدرج في توطين الوظائف الإدارية والإشراف الأكاديمي على الطلبة المبتعثين في الملحقيات الثقافية وتطبيق الإشراف عن بعد للتغلب على المشكلات المتعلقة بالتوازن في أعداد البعثات الدبلوماسية، وأشارت إلى أن الملحقيات الثقافية التابعة للوزارة تقوم بمهام عديدة تتعلق بالمتابعة الإدارية والإشراف الأكاديمي على الطلبة المبتعثين في الدول التي توجد فيها هذه الملحقيات، ولا يخفى ما يترتب على ذلك من صعوبات وتحديات يعاني منها المبتعث نتيجة الاختلافات الثقافية، وفهم طبيعة العمل في الجهات التي قامت بابتعاثهم المملكة. "الرياض" تناولت في هذا التقرير أبرز ملحوظات الشورى ومداخلات الأعضاء وتوصيات لجنة التعليم وقرارات المجلس المرفوعة للملك منذ التقرير السنوي للوزارة للعام المالي 1436 وحتى 1440، وكان آخر القرارات التي حازت على أصوات الأغلبية ورفعت إلى خادم الحرمين الشريفين وفقاً لآلية عمل المجلس ونظامه، بشأن التقرير السنوي لوزارة التعليم للعام المالي 381439، وقد طالب بإعادة النظر في استراتيجية إصلاح التعليم، وتبني خطة موحدة ومتكاملة للمبادرات التعليمية، وتبني برنامج وطني لرفع معنويات المعلمين والمعلمات، وتعزيز انتمائهم لرسالة التعليم، كما طالب وزارة التعليم بالتحقق من التزام الجامعات بمعايير وإجراءات تعيين أعضاء هيئة التدريس بما يكفل تحقق العدالة وتكافؤ الفرص، إضافة إلى دراسة وضع آلية للتعاقد مع السعوديين المؤهلين من حملة الشهادات العليا للعمل في الجامعات السعودية، بالتنسيق مع الجامعات والجهات ذات العلاقة، وطلب تقديم دراسة علمية تفصيلية للقيمة المضافة التي قدمتها شركة تطوير التعليم القابضة والشركات التابعة لها للتعليم منذ تأسيسها، ودعوتها إلى التنسيق مع هيئة تقويم التعليم لتقديم تقرير دوري مفصل عن حالة التعليم العام والتعليم العالي في المجالات المعرفية والمهارية وفق مؤشرات أداء داخلية وخارجية، كما شملت القرارات رفع كم ونوع الخدمات المتخصصة المقدمة للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنح مزيد من الحوافز الخاصة للقطاع الأهلي للاستثمار في هذا المجال، ودعوة الوزارة إلى بناء برنامج وطني بمؤشرات أداء واضحة لنشر الوعي الفكري ومحاربة الفكر الضال على مستوى التعليم العام والتعليم العالي، وحث الشورى وزارة التعليم على تطوير معايير إنشاء الجامعات واستحداث الكليات والبرامج الأكاديمية وفقاً لرؤية المملكة، ورفع المعايير الخاصة بالتعاقد مع أعضاء هيئة التدريس غير السعوديين في الجامعات الحكومية والأهلية، وطالب بإجراء دراسة لإيجاد حل لاستيعاب خريجي وخريجات كليات المجتمع وكلية التربية في قطاع العمل العام والخاص، بالتعاون مع وزارتي الخدمة المدنية والعمل والتنمية الاجتماعية ومجلس الغرف التجارية الصناعية. ورَصدتْ لجنة التعليم بمجلس الشورى عدداً كبيراً من الأخطاء والتناقضات التي يبدو من خلالها وكأن تقرير وزارة التعليم السنوي للعام 381439 يعكس في الآن نفسه تصوراً افتراضياً ومشوشاً لا صلة له بما يحدث في ميدان تعليمنا العام والعالي، وإلاَّ - والحديث للعضو فاطمة القرني -، فهل يُعقَل أن نجد في إحصائيات تقرير الوزارة الذي نتناوله بالمراجعة مبلغ 11 ملياراً في حكم الفائض الذي لم ينصرف من الميزانية في حين لم تقم الوزارة وفق محتوى التقرير بصرف الإعانات الملزمة بها، وفي حين لم تصرف أيضاً 35 % من مخصصات الخدمات، وكثير من المدارس التابعة لها يشكو نقصاً فادحاً في الأدوات والخدمات المساندة بل والخدمات الأساسية والضرورية لتشغيل المدارس وضمان سلامة الطلاب والطالبات فيها؟. ومما قاله عضو الشورى هاني خاشقجي أن التعليم في بلادنا بأنواعه الثلاثة العالي والعام والمهني في أزمة للأسف، فرغم الموارد السخية التي وفرتها الدولة خلال السنوات الطويلة الماضية لقطاع التعليم إلا أنه وبصوره الثلاث يظل قاصراً وغير قادر على مواكبة التطور والتغير الذي تشهده بلادنا، فلا يزال التعليم ينسخ متعلميه في طبعات كربونية متكررة، تعليم خلق بؤساً للمعلم وتعاسة للمتعلم وبطالة للمجتمع، تعليم ينكر على الصغار إبداعهم، ويقتل فيهم غريزة الفضول والرغبة في المعرفة، ويخرس أفواه الشباب ويرسخ لديهم النزعات والسلوكيات السلبية، ويحد من آفاق فكرهم، ويطمس ملامحهم الذاتية، تعليم لا يراعي الاختلافات الفردية بين المتعلمين، ويقتل في النابغين موهبتهم. ويؤكد العضو أن نظامنا التعليمي يواجه تحدياً مزدوجاً لإصلاح ما أفسده نظام تعليمي سابق، ومواكبة برنامج التحول الوطني ورؤية 2030، ويرى أن التحديات التي تواجه نظامنا التعليمي، وسبل التصدي لها، تتمحور في عشرة عناصر، أولها مراعاة الوحدة المركبة للطبيعة الإنسانية، وهي الوحدة التي شتتها التعليم على مختلف المواد الدراسية إلى درجة تعوق إدراك ما يعنيه الكائن الإنساني أصلاً، والعنصر الثاني تحقيق الوفاق بين المتناقضات الكامنة في منظومة التعليم، مثل المتناقضات بين المحلي والعالمي، وبين الذاتي والموضوعي، وبين التقليدي والحديث، وبين المادي والروحي، وبين الشمولي والتخصصي وبين تنمية إرادة التغيير لدى الفرد وبين المحافظة على سلامة المجتمع واستقراره. وشدد أعضاء شورى على أهمية التوازن بين العناصر التربوية، ويقصد بها التوازن بين ثلاثية، العلمي والتكنولوجي، الأخلاقي والثقافي، الاقتصادي والاجتماعي. وسبب الإشكال هنا هو وجود قدر لا يستهان به من تعارض التوجهات والمصالح بين هذه العناصر الثلاثة، وتحدث عن ظاهرة الانفجار المعرفي، وكيف نوائم بين تضخم المعرفة وقدرة الإنسان على استيعابها، وكذلك التغلب على آفة التلقي السلبي بإدراك أن التعليم فعل إيجابي إرادي يدعمه التحدي وتثريه المشاركة، ويحبطه التهديد وقتل روح المبادرة. ولتجويد التعليم، يؤكد أعضاء أن نقطة الانطلاق هي المعلم مما يعني تنمية قدرته على التحصيل الذاتي وإكساب مهنته طابعاً بحثياً، وألا يفرض عليه منهجاً سابق التجهيز، وأن نعطيه الفرصة للمشاركة في توجيه مسار العملية التربوية، وإعطائه الفرصة لمواصلة تعليمه، إضافة إلى تصميم نظام تقييم مختلف يركز على كيفية اكتساب المعارف والمهارات وتوظيفها، تقييم يؤكد على عناصر النجاح ولا يتصيد مواضع الإخفاق. واقترحت إقبال درندري إنشاء "مركز للتعليم والتعلم لقطاع التعليم العالي" يشرف على توجيه وتنفيذ سياسات وخطط التعليم والتعلم الوطنية بالمملكة، ويساعد مؤسسات التعليم العالي على هيكلة برامجها وبناء المناهج وتطويرها وتطوير خبرات هيئة التدريس والقيادات التعليمية، بشكل مؤسسي يتفق مع توجهات الدولة وينعكس إيجابياً على المخرجات والاقتصاد وبما يلبي حاجات سوق العمل ويحقق رؤية المملكة، وأكدت أن الدول المميزة في التعليم والتعلم كان الداعم لكل منها مراكز وطنية متخصصة في المجال. ويرى أعضاء أن وزارة التعليم تخلت عن ركن مهم في العملية التعليمية وهو المنهج حينما صدر قرارها حل وكالتها للمناهج وتوزيع إداراتها على بقية الوكالات، وأسندت الوزارة مناهجها وتطويرها إلى شركة تطوير وهي شركة مستقلة، وتساءل أعضاء عن مبرر ذلك، وكيف تتم المتابعة والرقابة دون وجود أطر واضحة المعالم؟ وما مبرر الوزارة لذلك التوجه، وما خطتها لمستقبل المناهج وتطويرها؟ وطالبوا باستدعاء وزير التعليم المجلس لتوضيح خطة الوزارة في إصلاح التعليم الذي يرتبط به تقدم المجتمع ورقيه، ويقول أعضاء: إن البحث العلمي يفتقر إلى وجود شخصية اعتبارية مستقلة، ولا يوجد له لوائح وتنظيمات، وأن بيئة التعليم لا تخدم الطالب، مشيرين إلى أن بعض المدارس لا يمكن أن يقضي فيها الطلاب يوم دراسي كامل. وفيما يخص التقرير السنوي لوزارة التعليم للعام المالي 371438 فقد أظهر تقرير أعدته لجنة التعليم والبحث العلمي غموضاً في بيان معلومات وتفاصيل ومؤشرات الأداء والبرامج والمبادرات التي تنفذها وزارة التعليم، وتجدد بذلك قلق الشورى الكبير من أداء الوزارة وتقصيرها الذي طال المناهج والبرامج والهيكل التنظيمي والتدريب والتطوير والأنشطة الطلابية والمباني المدرسية والتوظيف والبحث العلمي والتعليم الأهلي، وحذرت لجنة التعليم في المجلس من تأثير الغموض والغياب والقصور في تقرير الوزارة على ممارسة دور الشورى الرقابي والتشريعي عبر التقارير السنوية للخروج بقرارات تستهدف معالجة أوجه الخلل والقصور بالوقوف على مواطن الضعف ودراسة المعوقات والمقترحات التي توردها الوزارات والهيئات والمؤسسات والأجهزة الحكومية. وحوى التقرير المشار إليه وفقاً للجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشورى، نتائج مخيبة للآمال للطلاب في الاختبارات الدولية وأداءً ضعيفاً في اختبارات هيئة تقويم التعليم، كما أغفل التقرير مخرجات كليات التربية في اختبارات المعلمين، وقدَّم صورة باهتة جداً عن البحث العلمي تعكس حجم اهتمامها ودعمها، كما رصدت اللجنة قصوراً في معلومات صناديق الطلاب وأدائها الاستثماري وخدمات التمويل، ولم تجد مبررات وأسباب واضحة لإيقاف برامج في الماجستير والبكالوريوس والدبلوم التربوي، إضافة إلى رصد توظيف لفنيين وإداريين غير سعوديين في سبع جامعات وقلة أعضاء هيئة التدريس النسائي في معظمها. وفيما يخص الطالب، فلم يذكر تقرير الوزارة ترتيب المملكة في مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي "دافوس"، إضافة إلى إغفاله نتائج هيئة التخصصات الصحية، وما تضمنته في مؤشرات قد تحتاج إلى مراجعة الوزارة لبرامج الجامعات في تخصصات التربية والطب والتمريض، وأكدت تعليمية الشورى أن طبيعة البرامج الخاصة بأخلاقيات العمل للطلاب غير واضحة ولم يقدم تقرير الوزارة معلومات كافية عن مدى تنوع الأنشطة الطلابية، ومدى فاعليتها وتأثيرها على سلوكيات الطلاب ومدى الجهود التي تبذلها الجامعات في التوعية بأهمية الأمن الفكري، كما لم تذكر الوزارة في تقريرها ما يخص الرحلات العلمية وأنواعها وأهدافها رغم أهميتها، وحول التوظيف، لاحظت اللجنة قلة أعضاء هيئة التدريس من العنصر النسائي في معظم الجامعات، ورصدت اللجنة وجود عدد من الإداريين والفنيين غير السعوديين في عدد من الجامعات. وقدَّم تقرير وزارة التعليم صورة باهتة جداً عن البحث العلمي في الجامعات مما يعطي مؤشراً على حجم اهتمام الوزارة به وحجم الدعم المخصص له، رغم كونه ركيزة رئيسة في عمل الجامعات ووظيفتها الوطنية، وأكدت تعليمية الشورى أن البيانات الواردة في التقرير لا تبين الآلية التي صنفت على أساسها البحوث، وأظهر التقرير ضعف دعم القطاع الخاص للبحوث رغم أنه عنصر مهم في رؤية المملكة، ولم يتضمن التقرير تحليلات كافية عن التعليم الأهلي في التعليم العام والعالي وجل ما تم ذكره إحصاءات عامة لا تفيد الشورى كثيراً في عمليات تحليل هذا القطاع المهم الواعد، ولم يكشف التقرير عن الإيرادات الخاصة ببرامج التعلم عن بعد ومصارفها، كما لم يقدم معلومات كافية في شأن الإيرادات الذاتية للجامعات، وتناول المذكور المبالغ الإجمالية دون تحديد المصادر وفيما يتعلق بالهيكل الإداري والتنظيمي لوزارة التعليم، ولاحظت لجنة الشورى أن التقرير أورد ما يخص هذا الجانب بشكل مقتضب دون تفصيلات كافية، وأكدت أن ما زاد هذا الجانب غموضاً أن الوزارة استحدثت شركات ومراكز و وكالات، دون توضيح العلاقات التنظيمية.!، ولفتت تقارير الشورى إلى كثرة مبادرات وزارة التعليم، وضعف مخرجاتها، فقد ركزت على الكم وأغفلت النوع، فوفقاً لتقرير الوزارة السنوي عن العام المالي 371438 فالتداخل كبير بين المبادرات في أهداف معظمها، وتعددها على الرغم من أنها تحقق نفس الهدف، مما يعد هدراً. ودعا المجلس الوزارة إلى التركيز على مبادرة شاملة وإنجاحها، وبينت في معرض دراستها لأداء "التعليم" أن هناك تزايداً في أعداد المبادرات لدى الوزارة، مؤكدةً أن مجمل المبادرات المذكورة في التقرير لا تعدو أن تكون خططاً، وبعضها متداخل الأهداف.