أسابيع المهنة التي تقام في أغلب الجامعات الحكومية تهدف، كما هو مقرر لها، إلى طرح برامج تدريبية لطلاب الجامعة في مختلف التخصصات، وإتاحة فرص المجالات التطوعية لطلاب وطالبات الجامعة، وإقامة شراكة تعاونية مميزة، وتوثيق العلاقة بين الجامعة وخريجيها من ناحية، وبين الجامعة وقطاع الأعمال من ناحية أخرى، وإقامة ورش عمل، ودورات هادفة تتعلق بإجراءات التوظيف، وتركز على إعداد الخريجين لسوق العمل، وتبني الأفكار الإبداعية لطلاب الجامعة من خلال دعمها لوجستيا وماديا حتى ترى النور، بحيث يتبنى كل قطاع عمل مشارك فكرة واحدة على أقل تقدير. جميع هذه الأهداف جميلة وتدخل في خانة الأماني التي نتمنى تحقيقها، ولكن هل تم ذلك فعلا، أم أنها مجرد سواليف للاستهلاك، وأن الجامعة تحافظ على منسوبيها وتدعمهم إلى الوصول للوظيفة وتحقق لهم الاستقرار النفسي والمادي من خلال تأمين مصدر رزق لهم؟. في رأيي أن أسابيع الجامعات لا تقدم جديدا، مجرد تجمعات لعدد من الشركات تستقبل السير الذاتية للطلبة، وربما يقومون بعمل بعض المقابلات لمجرد الاستهلاك، بحكم أن أغلب هذه الشركات لها عقود مع الجامعة ولا تريد أن تخسر هذه العقود، وتأتي تلك المؤسسات لذر الرماد في العيون، وفي المحصلة النهائية لا يوجد توظيف، والأدهى والأمر أن المشرفين على تلك المشاركات من الوافدين. الغريب أن الجامعات التي تنظم مثل تلك الأسابيع بهدف تأمين وظائف لطلبتها وطالباتها نصف أعضاء هيئة التدريس لديها غير سعوديين، وأتذكر عندما عملت في فترة سابقة في وزارة التعليم العالي أن عقود الأساتذة لا تتوقف من بعض البلدان العربية، بينما أبناء وبنات الوطن الذين تم ابتعاثهم لأرقى الجامعات العالمية لا يجدون مقعدا شاغرا للعمل في الجامعات الناشئة، ولو عملنا مقارنة بين السعودي وغير السعودي سنجد أن أبناء الوطن يتفوقون من ناحية أهمية الجامعات والدول التي تخرجوا منها، وبرغم ذلك تفضل الجامعات المتعاقد. من ضمن الأهداف المذكورة لأسابيع المهنة أنها تعد الخريجين لسوق العمل، وهذه مشكلة يفترض حلها قبل التخرج، بمعنى أن الجامعات معنية بإعداد الطالب طوال فترة دراسته، بحيث يتخرج جاهزا للعمل مباشرة، أما أن يتم إعداده بعد التخرج فهذه كارثة، لأن سوق العمل لن ينتظر الخريج أو الخريجة، ومرحلة الإعداد تتضمن أيضا اختيار التخصص المناسب المتوافق مع متطلبات سوق العمل، بمعنى أن لا تقوم الجامعات بتدريس الطلبة تخصصا غير مطلوب ومن ثم يتم إعطاؤه دبلوما أو دورات تؤهله للعمل لأن هذا يعني هدرا ماليا كبيرا وتخطيطا غير مدروس. أتمنى في أسابيع المهنة مشاركة وزارة العمل وطرح الفرص في مجال توطين المهن ووظائف القطاع الخاص لأنها الأقدر على حصر الاحتياج ولديها بيانات موثقة عن حجم الأعمال الموجودة، ولديها كذلك القدرة على التعيين المباشر والفوري لهذه الفرص.