أكاد أزعم أن بعض المجالس العائلية التي تحول بعضها إلى منتديات وصالونات أدبية بحكم حضور شريحة من الرموز الثقافية في تلك المجالس بدعوة من أصحابها في العديد من مناطق ومحافظات ومدن المملكة ومنها محافظتا الأحساءوالقطيف على سبيل المثال لا الحصر، أكاد أزعم أنها تحولت إلى ما يشبه الأندية الأدبية بما يدور فيها من أمسيات شعرية وقصصية ومحاضرات له طابعها الثقافي المميز، بما يدفعني للقول باطمئنان وثقة أن تلك المنتديات والصالونات بحاجة لدعم رسمي من قبل وزارة الثقافة بكل أشكال الدعم وصوره المعروفة، وما أردت بهذه الديباجة العجلى إلا الإشادة بأحد تلك المنتديات أو الصالونات «سمها ما شئت» لصاحبها الأديب فؤاد نصر الله والتي تقام في منزله العامر بمحافظة القطيف، وقد أطلق على أمسياته تلك «ملتقى الخط الحضاري» وقد دعيت لحضور العديد من فعاليات هذا الملتقى الثقافي الرائع آخرها تلك الأمسية الجميلة التي استضاف صاحبها الشاعر عبدالله الخشرمي، حيث تحدث فيها بإسهاب عن أنشطته الثقافية وتأسيسه المركز العربي للثقافة والإعلام وأجوبته الشافية والكافية لتساؤلات الحاضرين التي تحولت إلى شبه حوار ثقافي بين الحاضرين من الأدباء والشاعر الخشرمي، حيث اختتمت الأمسية بقصائد رائعة وأخاذة ومختارة من أشعاره حازت على اعجاب وانبهار الجميع. لقد صرف الشاعر الخشرمي جزءا طويلا من أوقاته في سبيل التنوير والعمل على محاربة التعصب، وظهر ذلك جليا في واحدة من خطواته الجريئة أثناء إنشاء مكتبة جدة حيث تعرض لتيار متعصب حاول أن يصيب المشروع في مقتل، كما حاول التيار ذاته إلغاء معرض الكتاب الدولي بجدة، غير أن هذا التيار مني بفشل ذريع حينما طلب الخشرمي من المسؤولين بالدولة الاطلاع على أنشطة المكتبة وقراءة عناوين معروضاتها من الإصدارات الثقافية والاطلاع عن كثب أيضا على معروضات جدة للكتاب الدولي، وانتصر في الحالتين بإنشاء المكتبة وإقامة المعرض حينما اقتنع المسؤولون بالنتائج الإيجابية للمشروعين لاسيما والمملكة تعيش اليوم في حالات رائعة من الانفتاح على العالم ومحاربة التعصب والغلو والتطرف. وضيف تلك الأمسية الرائعة هو المؤسس للمركز العربي للثقافة والإعلام وهو رئيس الاتحاد العالمي للشعراء ويعتبر سفيرا فاعلا ومؤثرا للثقافة العربية وقام بتأسيس مجلة «النص الجديد» التي تصدر في قبرص، وتتمتع هذه المجلة بريادة ملحوظة تتجلى في اهتمامها بالشعر الحديث ونصوصه المتميزة، ومن خلال الحوار الذي سبق إلقاء الشاعر بعض قصائده الرائعة، وما تخلله من مداخلات هي على جانب كبير من الأهمية، يتضح بجلاء اهتمام الرجل بتحفيز الأعمال الثقافية ودفع مجالات التنوير للظهور لمواجهة المتعصبين أو «من بقي منهم» الذين يحاولون عرقلة الانفتاح المجتمعي السعودي وعرقلة العمل الثقافي الدائب مواكبة لرؤية المملكة الطموح 2030. أعود إلى ما بدأت به فأركز على أهمية تشجيع المسؤولين عن الثقافة بالمملكة لتلك المنتديات والصالونات التي لا تقل في أهمية عطاءاتها عن تلك التي تؤديها الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون والمكتبات العامة والمعارض ونحوها.