اتفاق السويد بكل بنوده المعلنة يقضي بانسحاب الحوثيين من مدينة وموانئ الحديدة والشروع في بناء الثقة، كسبيلين مهمين لتسوية النزاع ومن ثم العمل بطرائق مرحلية لحلحلة كافة الأزمات التي أدت لقيام الحرب، غير أن الميليشيات الحوثية المتمرسة على مزاولة أساليب المراوغة التفت حول الاتفاق بمناوراتها المكشوفة والمفضوحة لتحول دون تحقيق السلام في اليمن، وتلك المناورات غير مقبولة لتناقضها مع اتفاق السويد بما يستدعي من الأممالمتحدة التي رعت المحادثات بين الطرفين المتنازعين وشهدت على توقيعهما على الاتفاق الذي وصف في حينه بالتاريخي، وشهدت المصافحة بينهما، وقد أوحى التوقيع والمصافحة معا بأن الأزمة في طريقها إلى التسوية، أن تقوم بدور فاعل وحيوي يؤدي إلى اتخاذ موقف حاسم إزاء عدم التزام الحوثيين بالاتفاق، وهو موقف لا بديل عنه لمواجهة المعضلة التي تحول دون التسوية، فالانسحاب الشكلي لا الفعلي من الحديدة ومينائها هو ذر للرماد في العيون وقفز متعمد على ما جاء في اتفاق السويد من بنود. والأمر يقضي باتخاذ التدابير اللازمة لانسحاب الميليشيات الحوثية الفعلي من مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة دون قيود أو شروط، امتثالا لما جاء في منطوق اتفاقية السويد التي ركزت على بناء الثقة بين الطرفين المتنازعين كطريق سالك نحو التسوية الشاملة، وألاعيب الحوثيين ومراوغاتهم والتفافهم حول الاتفاق يحول دون بناء تلك الثقة أو مجرد التفكير فيها، فتسليم الميليشيات الحوثية الحديدة ومينائها لخفر سواحل تابعين لها لا يمثل خطوة صحيحة وراشدة نحو الحل المنطقي والأمثل للتسوية، كما أن الاحتجاجات الصاخبة المفتعلة في شوارع الحديدة للمطالبة بتنفيذ اتفاق السويد من قبل تلك الميليشيات تمثل لعبة من ألاعيبها للتنصل من مسؤوليتها المباشرة للإجهاز على اتفاق السويد، فتنفيذ إعادة الانتشار في ميناء الحديدة كما مارسه الحوثيون وادعوا أنه يتوافق مع الاتفاق المبرم مع الشرعية لا يمثل الإعادة الحقيقية التي لا بد أن تتم بموافقة الطرفين معا. وقد سلمت الحكومة الشرعية للأمم المتحدة أسماء الضباط والعناصر الذين كانوا يديرون السلطة المحلية في محافظة الحديدة قبل الانقلاب، والغموض الذي يسيطر على الوضع الراهن يتمحور في المراوغة التي يمارسها الحوثيون أمام الفريق الأممي لإزالة أي شك قد يساورهم حول عملية الانتشار الأحادي في المدينة وموانئها والتمسك بمقولتهم الخاطئة بأنه جزء لا يتجزأ من اتفاق السويد، وإزاء ذلك فإن الفريق الأممي مدعو للوقوف على حقيقة الأمر، وعدم الإذعان للادعاءات والأباطيل والأراجيف التي يروجها الحوثيون ويحاولون إسدالها أمام الجميع كأمر واقع. لا يمكن أن تغدو الأساليب الحوثية الغارقة في دياجير المراوغات والمناورات والألاعيب المكشوفة طريقا لسلام آمن وعادل وشامل في اليمن، فإنهاء النزاع إنما يتم بالرجوع إلى نصوص اتفاق السويد وتطبيقها بحذافيرها إعلاء لمسارات الشرعية وإنهاء لسياسات حوثية عابثة لا تريد إحلال السلام في اليمن وتسوية أزماته العالقة.